د.عبدالعزيز العمر
تعاقب على وزارة التعليم عدد من الرجال (وربما النساء لاحقًا) الأفاضل الكرام، وكل منهم شكل بمفرده (مدرسة) مختلفة في إدارة وتوجيه دفة تعليمنا. ولا شك أن كل وزير من وزراء تعليمنا السابقين تسلم مهامه ولديه طموحات وآمال أن يطور تعليمنا ويرتقي به، حتى وإن تباينوا في رؤيتهم للتطوير، وفي معاييرهم للتطوير المنشود ودرجة حماسهم له. لو قدر لك أن تطلع على الأولويات في برنامج أي وزير للتعليم قبيل وبعد تسلمه مهامه لوجدت انقلابًا كبيرًا في أولويته. فمثلا هل تتوقع أن يمنح الوزير وقته واهتمامه لدراسة نتائج تقرير تؤكد تدني المهارات العددية لدى طلاب السادس الابتدائي في الوقت الذي يؤكد تقرير آخر عدم توفر معلمي الرياضيات وكتبها، وهل تتوقع أن يمنح الوزير وقتًا واهتمامًا كافيًا لدراسة تقرير يؤكد تصاعد المشكلات السلوكية للطلاب في الوقت الذي تؤكد تقارير المهندسين أن هؤلاء الطلاب يدرسون في مبنى متهالك يشكل خطرًا على حياتهم وتحصيلهم. وهل تتوقع أن ينشغل الوزير كثيرًا بمشكلة ضعف مستويات الطلاب الكتابية والقرائية في الوقت الذي يلح معلمو القراءة والكتابه (أو غيرهم من المعلمين) على معاليه بطلبات النقل، أو بطلبات البت في شكاويهم المتكررة (بحق أو بغير حق). أود أن أقول وباختصار أن هموم التشغيل (Operation) اليومي لوزارة التعليم المتمثلة في الاستجابة لحاجات المباني ولحاجات المعلمين الطلاب والإداريين الملحة يطغى فيما يبدو على هموم تطوير التعليم وإكساب الطلاب تعليمًا نوعيًّا فاعلاً يرتقي بقيمهم ومهاراتهم ومستوى تفكيرهم. إذا كان الدماغ البشري مكونًا من نصفين منفصلين، وكل منهما يؤدي عملياته العقلية، ويتعاضدان أحيانًا لتنفيذ بعض المهام، فلماذا لا يكون بالمثل لدى وزارة التعليم نصفي دماغ (دماغ تشغيلي ودماغ تطويري) يتعاضدان بدلاً من أن يفني أحدهم الآخر.