د.محمد بن احمد المشيقح
هيئة الخبراء بمجلس الوزراء تعد الذراع القانوني والجهاز الاستشاري لمجلس الوزراء, ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية, ومجلس الشؤون السياسة والأمنية، تقوم بدور جوهري في صناعة القانون بالمملكة, وعلى وجه خاص إعداد ودراسة مشروعات الأنظمة والتنظيمات واللوائح والاتفاقيات. إضافة إلى دراسة الموضوعات التي يختص بها مجلس الوزراء وفقاً لنظامه وبمشاركة عدد من الجهات الحكومية -بحسب الحاجة- أو التي يوجه المقام السامي بدراستها سواء بمفردها أم بالاشتراك مع الجهات ذات العلاقة. وتضطلع هيئة الخبراء بهذا الدور لما لها من اختصاص وما اكتسبته من خبرة واسعة في مجال القانون والصياغة والدراسات القانونية.
من جانب آخر, تعمل هيئة الخبراء بشكل حثيث على توطئة البيئة القانونية وتحديث الإطار القانوني من أجل مواكبة رؤية المملكة 2030 وضمان تحقيقها, وذلك من خلال مراجعة الأنظمة القائمة, وإعداد وصياغة الأنظمة الجديدة المعنية بالجوانب الاقتصادية أو القضائية أو البيئية أو التعليمية أو غير ذلك, بالإضافة إلى إعداد الترتيبات التنظيمية للهيئات والمراكز الحكومية.
وفي سبيل قيام الهيئة بمهماتها المنوطة بها بشكل ناجح وسليم وفاعل, وفرت البيئة المناسبة واللازمة لعملها, ومن ذلك ما يلي:
- استقطاب الكفاءات وذوي الخبرة والاختصاص في القانون واللغة العربية وغير ذلك, وعملت على تدريبهم وتأهيليهم وابتعاثهم.
- العمل على أتمتة الأعمال والإجراءات الإدارية والفنية والمكتبية, ومن ذلك برنامج شامل, ونظام إدارة الاجتماعات الخاص بالهيئة العامة للمستشارين, ونظام بوابة الخدمات الذاتية لمنسوبي الهيئة. وأحدث تلك البرامج نظام (خبير) الذي يعمل على أتمتة جميع المعاملات؛ لزيادة سرعة إنجاز العمل ودقته وأرشفته مع المحافظة على مستوى الأمن والسرية, والتواصل الموثق مع ممثلي الجهات الحكومية المشاركة في الدراسات.
- أرشفة الوثائق إلكترونيًّا؛ لحفظها وليسهل على الخبراء والمستشارين بالهيئة الرجوع إليها والاطلاع عليها.
- مكتبة الهيئة, التي يتوافر فيها الكتب الشرعية والقانونية وغيرها, والحرص على تأمين ما تحتاجه من مراجع وكتب, مع العمل على حفظها إلكترونياً من أجل التسهيل على منسوبي الهيئة قراءة الكتاب والاطلاع عليه إلكترونياً.
- ترجمة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية المعتمدة رسمياً في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المنبثقة عنها كلها أو بعضها بحسب الحاجة, وكذلك الترجمة من تلك اللغات إلى اللغة العربية التي يقتضي الحال الترجمة منها, وذلك من خلال شعبة الترجمة الرسمية في الهيئة, مع الإشارة إلى أن الهيئة في هذه المرحلة تباشر الترجمة من وإلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية.
ومن أولويات العمل في الهيئة مراعاة أصول الصياغة القانونية, التي منها الدقة والسلامة والملاءمة القانونية واللغوية. ومن أجل تحقيق ذلك, تمر المعاملة القانونية بمراحل متعددة من المراجعة والفحص القانوني واللغوي من مستشارين ومتخصصين في القانون والصياغة اللغوية, ولا يتسع المقال لوصف كيفية تلك المراجعة والتحقيق والتحليل الفني, وآخر تلك المراحل مراجعتها من الهيئة العامة للمستشارين.
وتتكون الهيئة العامة للمستشارين من معالي رئيس هيئة الخبراء ومعالي النائب ومستشاريها, وتعقد الهيئة العامة اجتماعاتها عدة مرات في الأسبوع لمناقشة وفحص الموضوعات المحالة إليها من مشاريع أنظمة وقواعد واتفاقيات وغير ذلك. وتكون النقاشات عادةً مستفيضة وموضوعية ومحيطةً بكل جوانب الموضوع, ومراعى فيها الضوابط الخاصة باجتماعات الهيئة. المداخلات والتصويتات تكون بشكل حيادي وإلكتروني. ويضبط تلك الاجتماعات معالي الرئيس أو معالي النائب, وتنتهي بتوصيات أو ملاحظات بعد عصف ذهني.
وفي أروقة الهيئة تشعر كأنك في خلايا عمل لا تتوقف وبشكل دؤوب لا تعرف الكلل؛ حيث تشاهد قاعات اجتماعات الهيئة مكتظة بممثلي الجهات الحكومية لمناقشة ودراسة الموضوعات ذات العلاقة بتلك الجهات, برئاسة ممثل الهيئة.
ومن الجدير بالذكر أن الهيئة لم تغفل دورها العلمي والتوعوي والثقافي, حيث تستقبل الزيارات التعريفية من الجامعات والكليات, وتقوم بتدريب طلاب القانون من أجل انخراطهم في العمل القانوني من باب تأهيل الكوادر الوطنية. كما تشارك الهيئة سنوياً في معرض الكتاب من خلال جناح شعبة الترجمة الرسمية, الذي تهدف فيه إلى إطلاع المهتمين في مجال القانون وغيرهم على ما توفره الهيئة من الأنظمة والاتفاقيات باللغة العربية واللغات الأجنبية.
في الختام, فإن هيئة الخبراء بمجلس الوزراء جهاز حكومي عريق يهتم بصناعة القانون في المملكة, ويحرص على أن تكون الصناعة سليمة خالية من العيوب, محققةً الأهداف المتوخاة من تلك الصناعة.