د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
محافظة العلا «عروس الجبال» تقف اليوم بقوة آسرة بكل تفاصيلها وأسرار آثارها؛ وتتربع في تلافيف الذاكرة لتمنحنا بسخاء وهج التواجد الحضاري الجديد؛ والبراعة في استثمار مقدرات الأرض وتراثها العريق وبيئاتها الولودة؛ وذلكم الوهج يقوده سمو ولي العهد محمد بن سلمان بأدوات عصرية مدهشة!.. حتى أصبحت قصة «العلا» نحتاً جديداً في صورة الرؤية الوطنية العملاقة 2030، وأضحت تطوّقُ جيد بلادنا الجميلة، فتحمل دلالات الامتلاء الذي يبعث على الدهشة بامتداد أحلام العقول البيضاء في الجزيرة العربية التي أشعلتْ حضارات العالم.. فـ«العلا» لم تكن مبهمة في أذهاننا نحن السعوديين؛ فالثراء التراثي والعمق التاريخي يطوقها بسياج من الحضارات المتعاقبة، وكنوز من الآثار غير المكتشفة منذ الأزل.. ولكنها اليوم تختال باحتضان جديد حينما تحول تراثها وآثارها البيئية إلى تاريخ سعودي أضاءتْهُ لغة الفنون والثقافات التي تنادي بمستقبل السياحة السعودية لتواكب العالمية وتتوشح صدارة المدن العريقة، ولتصبح من مقدّرات المكان؛ فظهرت «العلا» للعالم من خلال قوالب الفنون والآداب واستثمار تنوع البيئة وموجوداتها؛ فصارت محافظة «العلا» تروي حكايات الحضارة الجديدة في إيهاب المشهد الوطني الباذخ الذي تشكّل هنا وهناك.. فاستقر الجمال ليستقبل سمو ولي العهد -حفظه الله- وهو يسكبُ نمير الصعود الجديد إلى ميلاد «العلا» الجديدة في إيهاب الرؤية الجديدة التي ترسّخ الأماكن السعودية المكتنزة، فتتشكل آثار عصرية تكتشفها الأجيال من خلال نفض غبار الزمن عنها وإحيائها بلغة جديدة ومنهج حديث.. وكم كانت نظرة سمو ولي العهد ثاقبة حينما ارتقت تلك الجبال التي نُحتتْ بمعايير هندسية دقيقة منذ أكثر من ألفي عام، وبمجهر الوطن ظهرت إستراتيجية سمو ولي العهد التي انبثقت منها رؤية العُلا بالعين البصيرة والذائقة العالية لالتقاط متغيرات المكان في الجغرافيا والطقس وصفة الأرض ومسميات القاطنين فيها من الأمم البائدة في العالم القديم، لتحويل المنتج بتنوعه وعراقته إلى فضاءات الحداثة والعصرية.. فـ«العلا» قصيدة التاريخ السعودي الحديث قافيتها الهمة، ورويها الإيمان، بأن كنوز بلادنا ليست نفطاً، بل سجلات نهوض مكتنزة؛ و«العلا» إحدى منصات الرؤية العملاقة والنهوض المستقبلي الوافر الذي يرتكز على الوصول إلى العالمية من خلال ترقية واقع المحافظة في مجتمعها المحلي وطبيعتها البيئية ومقوماتها التاثية العريقة.. وعندما تكون «العلا» مستهدفاً للسياحة العالمية سيكون مجتمعها المحلي مستضيفاً فخوراً بعلاه ووطنه!.. ومن خلال الهمم العالية في تنفيذ «رؤية العلا» وبرامجها ومن خلال الهيئة الملكية لمحافظة العلا الحاضن الإستراتيجي المتابع سيكون هناك وهج جدير بالحديث مرات أخرى.
فهنيئاً للعلا مخاضها الحضاري المثمر -بإذن الله-، وهنيئاً لنا في وطن السموق مشاعل الضوء العالمية المرتقبة هناك.