فوزية الشهري
التنمر هو سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً جسدياً أو نفسياً لاكتساب السلطة على حسابه، والتنمر المدرسي هي عملية تسلط وترهيب واستقواء واستئساد بين الأقران وتعتبر من الأكثر حضوراً في مشاكل العنف المدرسي، وتعاني دول العالم منها كمشكلة تحتاج للوقوف عندها والبحث عن العلاج المناسب لها، وقد كشفت بعض الدراسات العالمية حجم وخطورة التنمر منها، دراسة مسحية لإيرلينغ Erling بعنوان «التنمر: أعراض كئيبة وأفكار انتحارية» أجريت على 2088 تلميذًا نرويجيًا في المستوى الثامن - كشفت أن الطلبة ممن يمارسون التنمر وكذلك ضحاياهم قد حصلوا على درجات عليا في مقياس الأفكار الانتحارية. وفي دراسة لليند وكيرني Lind الجزيرة Kerrney أجريت في نيوزلندا، اتضح أن حوالي 63 % من الطلاب قد تعرضوا لشكل أو آخر من ممارسات التنمر، كما أشارت دراسة أدامسكي وريان Rayan الجزيرة Adamski التي أجريت في ولاية إلينوي بالولايات المتحدة إلى أن أكثر من 50% من الطلاب قد تعرضوا لحالات التنمر، وفي إيرلندا أوضحت دراسة لمينتون Minton تعرض الطلاب لمشكلات التنمر بنسبة 35 % من طلاب المرحلة الابتدائية و36.4 % من طلاب المرحلة المتوسطة، ومحلياً فقد كشفت الرئيس التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني الدكتورة مها المنيف لـ«عكاظ» بأن 25 % من المراهقين يتعرضون للتنمر وفق دراسات مسحية أعدها مركز الملك عبدالله للأبحاث حول قياس صحة المراهقين في المملكة. وعكست دراسة «مدى انتشار العنف وسوء معاملة الأطفال في المدارس والتي نفذها برنامج الأمان الأسري الوطني بأن 47 % من الأطفال يتعرضون للتنمر. ما يعني أن طفلا أو اثنين من كل أربعة أطفال يتعرضون للتنمر أو العنف من أقرانهم. ما يرجح أن هؤلاء الأطفال عرضة للإصابة بمشكلات عاطفية وسلوكية على المدى البعيد.
هذه الإحصائيات المقلقة تدفعنا للتساؤل حول هذه الظاهرة وتحليلها بحثا عن أسبابها وطرق علاجها، ولظهور التنمر أسباب منها اختلال العلاقات الأسرية في المجتمع والإهمال للطفل وعدم تقويم سلوكه واقتصار دور الوالدين مادياً وكذلك العنف الأُسَري يحول الطفل لمستبد على من هو أضعف منه، وساعد تراجع هيبة المعلمين وتأثيرهم على التسلط فيما بين الأقران، ولا يخفى علينا تأثير الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على مفاهيم القوة وسحق الخصم فيكون العنف منهج تعامل لمدمن هذه الألعاب وأيضاً الأفلام والمسلسلات التي تغذي هذه الظاهرة، وتأتي بعض الاضطرابات النفسية مسببة له، وعادة ما يكون المتنمرون خصوصاً القادة منهم ذوي شخصيات قوية ومضادة للمجتمع ويكمن خطورتها إمكانية تحوله لمشروع مجرم.
من هنا يجب علينا إطلاق مشروع تربوي متكامل لمعالجتها بشكل شمولي بمدارسنا، والهدف الرئيسي لهذا المشروع الوصول لمدارس خالية من التنمر ولن نصل لذلك حتى نعرف الأسباب ونبادر في حلها سواء كانت أسرية أو نفسية أو سلوكية وتقديم العلاج للمتنمرين وإعادة تأهيلهم للتعايش بسلام مع مجتمعهم وأيضاً توعية المعلمين والأهالي والطلبة بماهية سلوك التنمر وخطورته وتشديد الرقابة واليقظة للرصد المبكر ووضع العلاج مع المختصين وعمل البرامج الإثرائية التي تعزز الثقة واحترام الذات وكذلك نشر ثقافة الحقوق.
الزبدة:
ما من أحد يستطيع جعلك تشعر بأنك أدنى منزلة إلا إذا سمحت له بذلك
«إليانور روزفلت»