حمّاد السالمي
* تقود الولايات المتحدة الأمريكية حربًا دولية (ناعمة) على إيران الخمينية لأسباب كثيرة. المعلن منها لا يحتاج إلى تفسير. فالخمينيون الحاكمون اليوم في إيران؛ يحتفلون بمرور أربعين سنة على تسلمهم زمام أمور بلد كبير بتاريخه وثرواته، كان يمكن أن يتوفر على أسباب الأمن والاستقرار والرخاء؛ بدل الخوف والاضطراب والتنازع الدائم مع القريب والبعيد.
* أربعون سنة مضت؛ والنظام الخميني في المنطقة يعمل للتمدد الجغرافي والمذهبي على حساب جيرانه العرب. إذا كان هناك من منجز يفتخر به الخمينيون في إيران بعد أربعة عقود من حكمهم البغيض؛ فهو التأسيس لمشروع (التطرف والإرهاب والكراهية) في المنطقة، وإذكاء روح (القومية الفارسية) ضد العربية، حتى وصلوا بهذه الروح الانتقامية الشريرة -كما يقول قادتهم بوقاحة وتبجح وكما هو ظاهر شاهر- إلى أربع عواصم عربية هي: (بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء).. كلها أصبحت تحت تسلط مليشيات إرهابية من أبنائها. عرب من أبنائها يدينون بالولاء للملالي في طهران..! (عبودية عربية جديدة للفرس).
* وعودة إلى الحملة الدولية الحالية ضد إيران التي تقودها واشنطن.. هل هي للتعاطف مع الأقطار العربية المتضررة من الزحف والتدخلات الإيرانية في شئونها..؟ أم لأمور أخرى تتعلق بتاريخ علاقات الولايات المتحدة وأوروبا مع هذا البلد..؟ البلد المثير للجدل، الذي وصل بأذاه إلى كل الشعوب في كل القارات. بكل تأكيد.. فإنه ليس من أجل سواد عيون العرب أو جيران إيران تنظم حملة بهذا الحجم وهذا القدر من المقاطعة السياسية والاقتصادية، التي سوف تهز عرش الملالي، وتفقر ثمانين مليون إيراني؛ إذا طُبقت بجدية وطال مداها.
* هل تثأر أمريكا لنفسها بعد مرور أربعين سنة من إذلال إيران لها على أكثر من صعيد..؟ الأمر لم يتضح بعد.
* العلاقات السياسية بين إيران وأمريكا قديمة، وتعود إلى أواخر القرن الثامن عشر، وظلت أكثر من عادية حتى الحرب الباردة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وظهور النفط في إيران ودول الجوار في الخليج، فوقفت أمريكا بقوة مع شاه إيران (محمد رضا شاه بهلوي)، ثم هي دبرت مع إنجلترا؛ الانقلاب الشهير على (محمد مصدق) لتثبيت الشاه، وساهمت وكالة المخابرات المركزية (cia) والموساد الإسرائيلي؛ في تأسيس جهاز المخابرات الإيرانية السرية (سافاك)، إلى أن جاءت الثورة الخمينية سنة 1979م، بخطاب إسلامي مضلل سياسيًا، ومدغدغ دينيًا، تطلّب بالضرورة؛ معاداة أمريكا والغرب في العلن.. (الشيطان الأكبر).. ونتج عن ذلك عمليات مهينة ومذلة لساسة أمريكا وجيشها، لم تواجه هذه العمليات بمواقف حازمة من إدارات الحكم في واشنطن حتى اليوم.
* من هذه الإهانات على سبيل المثال؛ احتجاز (54 دبلوماسيًا) أمريكيًا في طهران بعد الثورة مباشرة لمدة (444 يومًا)..! احتجزهم طلاب يسمون أنفسهم (أتباع خط الإمام الخميني) بتأييد من الخميني نفسه.
* بعد ذلك بسنتين فقط؛ قُتل (240 جنديًا) من سلاح البحرية الأمريكية في بيروت في تفجير انتحاري على أيدي حزب الله الموالي لإيران في لبنان، وفي سنة 1996م؛ دبرت إيران الخمينية تفجيرًا آخر في مدينة الخبر بالسعودية، ذهب ضحيته 19 جنديًا أمريكيًا. كل ذلك وأمريكا لم تتخذ أي موقف انتقامي من إيران، بل تورط بعض قادتها في فضيحة (وترغيت.. إيران- كونترا)، وأسهم غزو العراق واحتلاله سنة 2003م من قبل الولايات المتحدة؛ في إحلال قوى إيرانية محل العربية في هذا القطر الذي يعاني اليوم من الوجود الإيراني المدمر. وكأن أمريكا وقتها كانت تنتقم للخمينية الإيرانية من صدام حسين، ونست نفسها وسمعتها وجنودها الذين قتلوا على أيدي الإيرانيين في أكثر من مكان.
* منذ عقود أربعة وحتى الآن؛ فإن العلاقات الأمريكية الإيرانية ظلت في (عداء بارد)، وكانت وما زالت تتأرجح بين الخوف والسلبية والشيطنة دون قطيعة بينة. وتظل هناك على الدوام؛ همزة وصل صلبة تحكم هذه العلاقات، ما يجعلنا نتساءل عن جدية (ترامب) وإدارته الجديدة في قيام هذه الحملة. فهل هي مقصودة لتأديب إيران ووقفها عند حدها فقط؛ أم أن هناك نيةً للثأر. ثأر أمريكي تأخر كثيرًا؛ وكان مستحقًا منذ إدارات الرؤساء: (جيمي كارتر - رونالد ريغان - جورج بوش الأب - بيل كلنتون - جورج بوش الابن - باراك أوباما). وهذا الرئيس الأخير؛ كافأ الخمينية الحاكمة التي أهانت بلاده وقتلت مئات الأمريكيين بمعاهدة: (السلاح النووي)..!.