فهد بن جليد
أكَّدتُ في مقال كتبته هنا في 14 فبراير عام 2014 بعنوان (عيد الحب على الطريقة السعودية) بأنَّ جيلاً بيننا يكبُر وهو يتشرَّب فكرة خاطئة عن (عيد الحب) أو (الفالنتين دي)، وأنَّه لا يجب أن نخوض حرباً لكتم مشاعر الآخرين في هذا اليوم من كل عام، وجعل شبابنا يتبادلون الورود الحمراء والهدايا بالخفاء على طريقة (مع الخيل يا شقرا)، بقدر ما نحن مُطالبون بتصحيح مفهوم (عيد الحب) أو (الفالنتين) في أذهانهم بالإقناع كونها (مناسبة دينية) و(فرصة تجارية) وترك الحرية لاختيارهم، ففي التفسير الأمريكي تبادل هذه الهدايا وبطاقات التهنئة في 14 فبراير لا يعني بالضرورة (التصريح بالحب) أو تأكيده، بقدر ما هو تبادل التهنئة بمُناسبة دينية خالصة لا أكثر.
السعوديون و14 فبراير من كل عام (مادة دسمة) للكثير من وسائل الإعلام الأجنبية التي تُحاول النيل من مُجتمعنا، وتشويه صورته وردود الفعل المُتناقضة فيه تجاه (عيد الفالنتين) أو يوم العشاق والمحبين، بسرد الكثير من القصص أمام العالم والمُبالغة في تصوير ردود فعل الرافضين للانجراف خلف هذه المناسبات والأعياد التي لا تخصنا، وقد سارعت بعض تلك الوسائل لتصويرنا كمُجتمع غريب، يتصارع أفراده لمنع وكبت التعبير عن المشاعر مثل بقية المجتمعات، هؤلاء كانوا يجدون في ردود الفعل الغاضبة تجاه كل من يحمل وردة أو يشتري (هدية) ليُعبِّر بها عن مشاعره حتى لزوجته بعيداً عن العلاقات غير الرسمية، فرصة للردح وتصوير المجتمع السعودي بأنَّه مُنغلق أو لا يُسمح فيه بالتعبير عن هذه المشاعر وتبادلها بين الناس، وهذه صورة مليئة بالإجحاف والخطأ والمُبالغة وعدم المهنية، فلم نكن يوماً كذلك، فنحن نملك أدوات التعبير عن حبنا لبعضنا البعض طوال العام، ولا أدل على ذلك من مبيعات الورد وتجارته الرائدة والمربحة في السوق السعودي، وهو ما يؤكد فيض المشاعر المُتفجِّرة في الثقافة السعودية، وليس بيننا وبين اللون الأحمر أي عداوة أو وقفة نفس، بل إنَّ الشماغ الذي نرتديه طوال العام لونه أحمر.
الفرصة السنوية (للردح الممجُّوج) و(الرقص المنبُّوذ) على أخبار السعوديين والفالنتاين فاتت -يوم أمس - على مُحترفي الرقص السنوي في تلك القنوات والمواقع التي لم تجد مادة حيَّة تُذكر لتُنسج حولها القصص، أو أحداث تروى يمكن تضخيمها عن السعوديين، لذا لجأت بعضها لاستذكار واجترار قصص بالية وأخبار قديمة جعلت منها مادة منزوعة المعنى والروح، وهو ما يؤكّد أنَّ هدف هؤلاء دائماً هو التشويه، مهما كان مُجتمعنا منسجماً ومُتصالحاً مع نفسه ومع العالم في كل الأوقات.
وعلى دروب الخير نلتقي.