إسلام أباد - علي سالم:
أكَّد وزير الخارجية بجمهورية باكستان الإسلامية السيد شاه محمود قريشي على قوة العلاقات بين المملكة وباكستان الإسلامية والاقتصادية، وأن المملكة حكومةً وشعباً تقف إلى جانب باكستان في جميع المحن التي تمر بباكستان، والمملكة هي أول من وقف بجانب باكستان في محنتها ولن ننسى مواقفها أبداً ما حيينا.
وقال معالي الوزير خلال لقاء مع الوفد الإعلامي الاستباقي السعودي: إن زيارة صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان لباكستان مهمة للغاية، لما تحمله من نقلة نوعية لباكستان ومستقبل الاستثمار بها، إضافة إلى التفاهم السياسي والدعم الدبلوماسي المتبادل، الأمر الذي يمنح المستثمرين منصة جديدة لاستكشاف الفرص المتنوعة وتطوير الروابط المؤسسية وتوافر الآليات التي تضمن تحقيق التعاون بين الجانبين.
* كيف تنظر للعلاقات السعودية الباكستانية؟
تربطنا بالمملكة علاقات وروابط مميزة للغاية، ونحن نحترم هذه الروابط الإستراتيجية، فتحتل باكستان مكانة خاصة للغاية لدى السعودية والسعوديين، والكثيرون من الباكستانيين يبجلون المملكة ويقدرون دعمها الدائم لباكستان. إن المملكة هي من أول من وقف بجانب باكستان في محنتها ولن ننسى مواقفها أبداً ما حيينا، فقد استجابت قيادة المملكة لطلب باكستان تأجيل مدفوعات الواردات النفطية من أجل المساعدة في تجنب حدوث أزمة في المعاملات الجارية، وهذا الموقف مذهل وتشيد باكستان به. ومن المواقف المشهودة للمملكة أثناء وجودي في نيويورك في سبتمبر الماضي أثناء المشاركة في اجتماع فريق الاتصال حول كاشمير، وكان وفد المملكة الذي شارك في الاجتماع أعلن تضامن المملكة الكامل مع شعب كاشمير، إلى جانب ذلك فنحن سعيدون جداً بزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى إسلام آباد، حيث إن باكستان هي بلده الثاني وهذا شرف لنا، وسوف يصل ولي العهد برفقة وفد كبير رفيع المستوى - وبمشيئة الله - سوف تكون هذه الزيارة بمنزلة قوة دفع للعلاقات السعودية الباكستانية إلى مستوى أعلى.
* العلاقات السعودية الباكستانية علاقات تاريخية وقوية... ما أهمية هذه العلاقات في إرساء الأمن والسلام في المنطقة في ضوء الاضطرابات الكثيرة التي تمر بها؟
إن باكستان والمملكة تدعمان السلام والاستقرار والرخاء، ونسعى دائماً إلى حماية حدودنا من الاعتداءات الخارجية. وللأسف، فإن هناك قضايا عالقة مع جيراننا بسبب الحرب الدائرة منذ سبعة عشر عامًا، الأمر الذي لا يتسبب في هدم حضارة باكستان وأفغانستان فحسب بل والمنطقة برمتها. ونأمل من خلال المساعدة التي تقدمها المملكة، أن نخرج من هذه الأزمة ونتجه نحو السلام. والمملكة لعبت دوراً إيجابياً في التقريب بين الشعوب وتقديم المساعدات الإنسانية السخية للشعوب التي تعاني من ويلات الحروب، كما أنها قدمت المساعدات الإنسانية للشعب الباكستاني جراء الزلزال الذي وقع في 2005 والفيضانات المدمرة في 2010.
* كيف ترى أهمية الزيارة التاريخية لولي العهد السعودي إلى باكستان وفي هذا التوقيت بالذات، وانعكاسها على مستقبل العلاقات الثنائية؟
إنها زيارة مهمة للغاية لسمو ولي العهد والوفد المرافق له والتي ستتطرق إلى مجالات عدة من بينها الاستثمار السعودي في باكستان. ثمة عمل سياسي ناجح بيننا إضافة إلى التفاهم السياسي والدعم الدبلوماسي المتبادل، الأمر الذي يمنح المستثمرين من الجانبين منصة جديدة لاستكشاف الفرص المتنوعة وتطوير الروابط المؤسسية وتوافر الآليات التي تضمن تحقيق التعاون بين الجانبين.
وهذه الزيارة ستكون مثمرة للغاية. لقد أشرت إلى زيارتين من قبل، وكانت الزيارة الثانية من أجل حضور المؤتمر الدولي للاستثمار في الرياض، وقد شهدت تفاعلاً كبيراً حقاً. وفي هذه الزيارة، لقي رئيس الوزراء الباكستاني استقبالاً حافلاً وسررت للغاية برؤية الإعلام الباكستانية في شوارع الرياض. إنها بمنزلة تحقيق وثبة في العلاقات والتفاهم بين القيادتين.
وستشهد العلاقات المزيد من التعزيز وتقوية الأواصر، حيث ستثمر هذه الزيارة عن إنشاء مجلس تنسيقي جديد يرأسه ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الباكستاني والوزارت المعنية ذات الصلة، وسوف يصبح هذا المجلس مبعث فخر الوزراء. وسوف يتبع هذه الزيارة متابعة تنسيقية ونأمل إلى المزيد من آفاق الاستثمار بين المملكة وباكستان.
* خلال عدد من الجولات الميدانية التي قمنا بها التقينا عددًا من الشعب الباكستاني الذي أعرب عن تفاؤله بمستقبل العلاقات بين البلدين وتأثيره على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، كيف ترى انعكاس ذلك على مستقبل استمرارية وتوثيق تلك العلاقات؟
الشباب الباكستاني هم مستقبل البلاد ويضعون ثقتهم في الرئيس والحكومة، يرون أن المستقبل يرتبط بالرئيس والحكومة. كما أنهم يتوقون إلى منهج مختلف وأسلوب حكم مختلف. يسعون إلى تطبيق معايير تكامل جديدة. وتتمثل أولويات حكومتنا في تحقيق تطلعات هؤلاء الشباب. يتطلعون إلى الإنفاق على التعليم والصحة ومياه الشرب وكل ما يحقق المنفعة لمستقبل باكستان، من منطلق ثقتهم في التقدم الذي يشهده اقتصاد باكستان. وتعمل حكومتنا على اتخاذ خطوات لترسيخ هذه الثقة في الاقتصاد، واضعين في الاعتبار الموارد المحدودة للبلاد وجاعلين ذلك على قمة أولوياتنا.
وفيما يتعلق بالموقف الأمني في باكستان فإننا في السنوات القليلة الماضية شهدنا تحسنًا كبيرًا بعد أن خضنا فترة عصيبة للغاية جراء الإرهاب الذي أدى حدوث معاناة شديدة على المستوى الاقتصادي والإنساني، حيث إن عزيمة أفراد قوات الأمن بل والشعب بأكمله قادت إلى هزيمة الإرهاب في باكستان. والآن نحن بصدد القضاء على التطرف من خلال خطوات وخطط تهدف إلى ذلك. وبات الشعب الباكستاني الآن يشعر بمزيد من الأمن. ولذا يمكن رؤية نهوض كبير في قطاع السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إضافة إلى زيادة الصادرات في غضون أربعة أشهر بـ 4 % وتقلصت الواردات بنحو بليوني دولار، وكل هذا في خمسة أشهر فحسب، وهذا أمر يعكس الثقة. علاوة على ذلك، فإن باكستان تشهد المزيد من الاستثمارات السعودية والإماراتية.
* كيف يتسنى لنا تعزيز العلاقات بين المملكة وباكستان وفي أي مجال؟
كما تعلمون، فإن هناك تفاهماً سياسياً قوياً بين المملكة وباكستان، إضافة إلى التفاهم الدبلوماسي. كما أننا ندعم بعضنا بعضًا في المحافل الدولية. إن زيارة ولي العهد السعودي ستضيف توجهاً اقتصادياً جديداً لهذه العلاقات المتينة بين البلدين، إن الباكستانيين الذي يعيشون على الأراضي السعودية قد أسهموا حقاً في تحقيق التطور الاقتصادي للمملكة. وثمة إشارات بداخل المملكة عن عقد استثمارات في باكستان، الأمر الذي سيعزز من تحقيق التطور الاقتصادي لباكستان. نقوم بتنفيذ مشاريع مشتركة ستعود بالنفع على الجانبين.
* أحد أهم محاور هذه الزيارة هو الاستثمار. رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في القمة العالمية للحكومات دعا دول العالم للاستثمار في باكستان وها هي المملكة تستثمر الآن في باكستان.
إنني سعيد للغاية بذلك. قامت المملكة بفتح الباب أمام الآخرين. وبمشيئة الله، سوف توقع المملكة مذكرة تفاهم بشأن بناء مصفاة تكرير نفط في جوادار، وهو استثمار تتعدى قيمته عشرة مليارات دولار، مما يؤكد للآخرين أن باكستان دولة يمكن الاستثمار فيها بفضل إمكاناتها. وحرصت حكومتنا على اتخاذ تدابير لضمان سهولة تحقيق المعاملات التجارية أمام المستثمرين السعوديين في باكستان. وقد وعد وزير المالية الباكستاني إسحاق دار بفتح التبادل التجاري الثنائي، وأكد أن فرص هذا التبادل ستكون آمنة تماماً للدول الشقيقة كالمملكة العربية السعودية.
* كيف يرى الجانب الباكستاني رؤية المملكة 2030 وكيف يمكن تعزيزها، خاصة في ضوء باكستان الجديدة؟
إنها رؤية مستقبلية تعمل على تطوير البنية التحتية للمملكة العربية السعودية وتعزيز التعليم والفنون والثقافة والاعتدال، إننا نحذو الخطى نفسها من أجل تحقيق رفاهة الشعب الباكستاني في قطاعات الصحة والمياه النظيفة والصرف الصحي. تهدف هذه المشروعات إلى تحسين جودة الحياة لدى المواطنين كافة. وأتوجه بالشكر إلى المملكة العربية السعودية لتقديمها الدعم إلى باكستان وسخاء ولي العهد لتحقيق رفاهية وسيادة باكستان.
* كيف يتسنى لباكستان الاستفادة من الخبرات السعودية؟
إنه لمن دواعي سرورنا التعلم من النماذج والخبرات السعودية التي يدعمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولذا، فإننا نكن الاحترام والتقدير البالغين لقيادة المملكة العربية السعودية ونرحب بالوفود القادمة من هناك.
* ما الذي يهم المستثمرين بشأن باكستان الجديدة؟
إن باكستان الجديدة تؤسس لعلاقات طيبة مع جيرانها وتؤمن بتحقيق السلام في المنطقة وتسعى إلى تعزيز المبادرات كالتي أطلقتها المملكة العربية السعودية وجعلها أكثر نفعاً. كما أنها تسعى إلى تحقيق السلام والتوافق بداخل وخارج حدودها. إن تفاعلنا مع القيادة السعودية ورؤية 2030 هو من أسس رؤية رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان. كما أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يفتح مجالات جديدة للاستثمار. علاوة على ذلك، فإن استقبال المملكة لملايين الحجاج والمعتمرين هو أمر في حد ذاته تجربة حية لدول من بينها باكستان بشأن قدرة المملكة على تدبر الأمر واستضافة زوار بيت الله الحرام وتقديم الخدمات كافة بشكل متكامل.
* لتحقيق استثمارات في باكستان، فلابد من توافر الأمن والأمان... حدثنا عن التقدم الذي أحرزته حكومتكم وجيشكم في محاربة الإرهاب طيلة العقد الماضي؟
بفضل الله، نجحت عملياتنا العسكرية في القضاء على الإرهاب، الأمر الذي يبعث على الأمل في جذب استثمارات جديدة إلى باكستان، وفي مقدمتها الاستثمارات السعودية.
* معالي الوزير، حدثنا عن الدور الذي قامت به الحكومة الباكستانية في المصالحة الأخيرة مع طالبان والذي قادته السعودية والإمارات؟
نشعر بالامتنان بشأن الجهد المثمر الذي بذلته كل من المملكة والإمارات العربية المتحدة في تعزيز السلام والاستقرار ليس فقط في أفغانستان بل في المنطقة بأكملها من خلال دفع محادثات السلام. وقد لعبتا دوراً مهماً وإيجابياً في هذا الشأن ولا ينكر أحد هذا الحراك المتقدم وقد أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأمر ووزير خارجيته مايك بومبيو والعالم أجمع. لقد لعبت باكستان دوراً بناءً في تحقيق هذه المصالحة ونأمل أن يتحقق السلام والاستقرار، الأمر الذي سيحقق منفعة للجميع وخاصة باكستان.
* ثمة صراعات دائرة في بلدان المنطقة، كيف ترون قدرة التعاون بين المملكة وباكستان على القضاء على الأضرار التي لحقت بهذه البلدان؟
نتوق إلى توحد الأمة. التحدث بصوت واحد بشأن قضية كشمير أمر مهم للغاية، فهذا التفاهم وهذه الوحدة يمثلان أهمية للمسلمين حول العالم، وخاصة بمساعدة المملكة العربية السعودية بفضل مكانتها التي تشغلها في الأمة.
* ما رسالتك إلى الشباب المسلمين في باكستان والمملكة بشأن مستقبل باكستان الجديدة؟
إن أغلبية السكان في باكستان هم من الشباب، وكذلك الحال في المملكة. وعليه، فإن من المهم تبادل الأفكار وخلق فرص العمل وتطوير المهارات والترفيه والرياضة، حيث أحرزت المملكة تقدماً هائلاً في دعم الرياضة من حيث إنشاء العديد من المنشآت الرياضية، وهو اتجاه صحي تنتهجه المملكة. وفي باكستان، فإن رئيس الوزراء عمران خان شخص رياضي وشارك في العديد من الفعاليات الرياضية، وهو حريص بشدة على تعزيز الرياضة. تتمتع المملكة بالوعي بشأن الإسهام وتطوير التقنيات الحديثة وكذلك الحال بالنسبة إلى باكستان التي تولي اهتماماً إلى تطوير التقنيات الحديثة وجذب الاستثمارات.
* هل تتطلعون إلى إطلاق طريق مكة؟
إطلاق طريق مكة سيسهم في ربط الباكستانيين بمكة والمدينة المنورة روحانياً وعاطفياً، كما أنه سيقدم إضافة إلى البنية التحتية للمملكة.