نوف بنت عبدالله الحسين
في الحياة مسارات ودهاليز متشعبة ومتنوعة، وطبيعة البشر في حب الاكتشاف والتجربة تجعلهم دائمي البحث عن دهاليز أكثر تعقيداً، وبالتالي يصعب علينا تحديد ما هية الأمر، فهل هذه المسارات المعقدة تستحق حقاً أن نخوضها ونعيش لحظات التوتر أثناءها؟
حقيقة الأمر أنه لا يمكن لنا أن نعيد برمجة الحياة حتى ولو حاولنا، بمعنى لابد لنا في محطة معينة أن نؤمن بالأقدار حلوها ومرها، وأن نتعايش مع دوامة الحياة، تلك الحياة التي لا تستقر على حال، وفي كل يوم هو حالة جديدة تقتضي بأن نصافحها ونعيشها أياً كانت، وتلك مسألة تحتاج الكثير من التفهم حول مجريات الأمور، فقد نصاب بخيبة أمل أو فاجعة لفقدان أو فشل أو انفصال أو نتعرض لمرض مفاجئ أو ربما ننصدم من واقع المواقف التي نعيشها، فتسيطر علينا حينها انفعالاتنا ونغضب من الهواء الذي نتنفسه رغم أن لا ذنب له، ومن الماء التي نشربها رغم حاجتنا لها، ومن كل أبيض وسلام وورد وزهر وحياة، إنه غضب من الألم، وشعور بالقهر لا نعرف كيف نوجهه، فنحرق فيه كل أخضر ويابس، ودون أن نشعر، فإننا ندمّر ذواتنا ونستسلم لدهاليز الحياة.
نحتاج إلى برمجة ذواتنا، لا برمجة ظروف الحياة حولنا، أن نتكيّف مع آلامنا، ونحاول أن نجعلها آمالاً لحياة مختلفة، أن نعيش التحدي والإصرار، بدل أن نستسلم للموت البطيء، وما أصعب أن تموت وأنت على قيد الحياة، مجرّدٌ من كل حياة حولك، ومدفون داخل آلامك تحت ركام اليأس واصفرار الروح...
طالما هناك قلب ينبض وروح حية، انطلق من خلالها للحياة، بسّط الأمر أياً كان، ستجد أنه مهما كانت معاناتك كبيرة، فإن هناك من يعاني أكثر منك، وأنه ما زال في العمر بقية لنحلم، ونفرح، ونحاول، ونعيد الكرّة تلو الكرّة، إلى أن نصل إلى سلام داخلي، وننطلق لحياة مختلفة، حياة تليق بك، رغم الدهاليز ورغماً عنها، وتذكر، مهما صعب عليك الأمر، فهناك الرحمن الرحيم، أطرق بابه، وأطلق زفراتك وعبراتك، واجعل شكواك إليه، فهو القادر على إنصافك وسيرضيك حتى بمعاناتك، وثق، ما بعد الضيق إلا الفرج.