محمد المنيف
لا يختلف الفن التشكيلي عن بقية الإبداعات الإِنسانية التي ينتجها ويفرزها العقل وتنبع من فكر يلامس الواقع ويستلهم منه الطرح والوصف والمحاكاة وهنا تكمن المشكلة وتبرز أبعاد ذلك الفكر أو الطرح عبر سبل التعبير.. وتتضح خلال ذلك النهج أو أسلوب التعامل مع مصدر الفكرة حقيقة ما يخفيه صاحبها موضوعًا ورسم مسارها ومن المستهدف.. ولنا في الواقع الكثير من الشواهد ولدينا أيضًا وثائق تكشف سوء من يستخدم أدواته الفنية خصوصًا في الفنون التشكيلية التي بدأت علامات اتجاه بوصلة بعض من يدعي الحداثة لتغرس خناجرها بما يطلق عليه أعمال مفاهيمية تلامس الوطن ومجتمعه بعد طلائها بالسموم الملونة أو كما يسميها أصحابها التمويه والتضليل.
ومن المؤسف أن فئة الشباب هم من جرفتهم هذه الموجة اعتقادًا منهم أنها طريق للشهرة، تبعًا لبعض الوهم الدعائي من فئة وأفراد يمارسون (الفن التشكيلي الهابط) دفعت بما يبرزها إعلاميًا كذبًا وتدجيلاً لتكون قيادية في هذا التوجه بإقامة معارض خارج الوطن دون رقيب أو حسيب فيها من المغالطات والتساؤلات ما لا يحتمل.
واليوم يخرج نتاج هذه النوعية من أصحاب تلك التوجهات المسمومة شباب مندفع لا يرون سوى التقليد الأعمى (كالبقر عند الحرث) لا ترى ما حولها وإنما تتبع من يقودها. أعمال سيئة التنفيذ تحمل أفكارًا مستوردة.. تقدم على طبق مغلف بالتراث وهي بعيدة عنه، يدعي أصحابها من (زغب الحواصل) من الهواة بأنها تطور ونقلة حداثية تتوازى مع الرؤية مع أن المسافة بينها وبين أسس بناء الرؤية وأهدافها الوطنية ما بين الأرض والسماء.
السؤال هنا نعيد طرحه بعد سنوات طويلة.. من المسؤول عما يحدث في المعارض وأين الرقابة التي كانت صمام أمان لكل ما قد يشوه الفن ويسيء للوطن والمجتمع وقد يصل أو وصل إلى الدين.
لماذا ترك الحبل على الغارب ولماذا لا يكون هناك معايير للرقابة الفنية تمسك فيها العصا من المنتصف فلا إفراط ولا تفريط، يمنح لأفكار وابتكارات الشباب الفرصة في تقديم أعمالهم ضمن قيم وتقاليد المجتمع النابعة من دين سمح لا اعتراض فيه على ما يخدم حياة الإِنسان بل يدعو لإبراز الجمال.