خالد الربيعان
تنبيه: هذا المقال فلسفي قليلاً.. اقرأه مع قهوتك!
في كرة القدم، بل والرياضة العالمية، وبأمثلة من الواقع لو سألت المدير التنفيذي لأي ناد في دوري البيسبول الأمريكي مثلاً وقلت له ما هو حجم فريقك، سيحدثك بالأرقام، فريقي يساوي 100 مليون دولار، قيمة لاعبيه وأصول للنادي، سنلعب أمام نيويورك يانكيز، إنهم يساوون 4 مليارات دولار! إذن في مباراتنا معهم لن ننجو! لذلك لن تجد التصريحات من نوعية «لا أفهم لماذا خسر فريقي» التي نقرأها ونراها من المدربين بعد المباراة في الرياضة العربية عامةً!
والمعنى أن الفريق الصغير لا يحزن لو هُزِم أمام كبير المال والعتاد! أما في حالة تشيلسي الإنجليزي وهو من الكبار - جداً -! عندما يخسر أمام السيتي فهي دعوة للتساؤل والوقوف على أسباب الهزيمة، أما عندما تخسر بالستة؟ فأنت أمام هزَّة كبيرة، فالنادي مالياً من كبار العالم، ولكن الخلل في ضياع عدة أشياء من النادي الأزرق السنوات الأخيرة، كانت أهمها عندما أقال النادي مورينهو بعد ولايته الثانية، وخروج اللاعبين عليه، مورينهو الذي جعل النادي كبيراً في 2003، وأسس له (هويته الفنية)، تلك التي تكلم عنها كارلو انشيلوتي المدرب الإيطالي المخضرم في كتابه «القيادة الهادئة»، وهي أن كل ناد من الكبار له هوية، والنادي الكبير يبحث ويؤسس ويرسخ الهوية الفنية هذه! الهوية التي ضاعت من تشيلسي ففقد الشكل المميز له داخل الملعب.
قال انشيلوتي في كتابه عن ريال مدريد عندما قام بتدريبه إنه يرتكز في هويته على كريم بنزيمة! ذكر اسمه نصاً، لا يمكن الاستغناء عنه أو مثيله، بجانب لاعبين من نفس النوعية «طول القامة، قوة البنية، الالتحام البدني، الكرات الطويلة، العرضيات، الهجمات المرتدة»، هوية فريق مثل برشلونة منذ كرويف هي الكرة الشاملة، الكل يحرز أهدافاً، التمريرات القصيرة الجمالية الهادفة، الجمل التكتيكية، اللاعبين قصار القامة الأذكياء المتفاهمين «ميسي - تشافي - انيستا - دافيد فيا - ألفيس» حقبة جوارديولا..
نفس الهوية التي طبقها جوارديولا عند رحيله من برشلونة إلى السيتي فبنى له هوية فنية، وهو ما نظر إليه القائمون على النادي في المقام الأول، بقاء جوارديولا يعني تكوين وترسيخ هوية السيتي، ليكون هذا أسلوب أدائه دائماً.
تتأمل بعمق في لاعبي السيتي فترى نفس الهوية الكاتالونية، الصغار القصار ذوي الأفكار! أجويرو، فرناندينهو،سيلفا، ساني، دي بروين، ستيرلنج، وخيسوس! والأداء الفني وطريقة إحراز الأهداف تشعر وكأنك ترى برشلونة جوارديولا مع نكهة إنجليزية بطابع البريمرليج!
عودة لتشيلسي وهي أنه في مفترق طرق، فهويته الفنية غائبة، ومجيء المدرب كونتي للنادي قبل عامين وتحقيقه للقب دوري، صاحبه (أسلوب وخطة جديدة دفاعية) جعلت اللاعبين ينتقدونه علناً، وانتهى الأمر بإقالته من إدارة النادي التي ترى أن اللاعبين والنجوم هذا الزمن هم على حق دائماَ! نظراً لأثمانهم وقيمتهم في بورصة اللاعبين، ورجوح كفتهم في أنشطة التسويق الرياضي.. مقارنة بالمدير الفني!
ماذا عن؟!
على الجانب الآخر ماذا عن هوية الأندية السعودية، إذا سألت أي مدير فني لأي ناد سعودي ما هي هوية فريقك وأسلوبه الفني، فبماذا سيجيبك، هو أو من هو أعلى منه سلطة؟! الهوية الفنية تعني نجاح داخل الملعب، الذي لولاه لن يكون هناك نجاح مالي خارجه، تتظلم الأندية من قلة الدعم، فإذا قلت لماذا تريد دعماً وأنت مدعوم منذ عقود ولا تحقق إنجازات ولا بطولات! فيكون الرد لا أحقق لأن الدعم غير كاف، ونظل في هذه الدائرة!
هوية الفريق الفنية، هدف يجب أن يكون في رأس القائمين على الأمر داخل كل ناد، كثرة تغيير المدربين لا تساعد، العشوائية الفنية بطريقة خطة كل موسم لا تبني هوية فنية دائمة، وإن حققت بطولة أو اثنتين!