ماجدة السويِّح
يعاني 15 % من سكان العالم من الإعاقة، مما يجعلهم أكبر أقلية في العالم. وغالبا ما ينظر للإعاقة على أنها مشكلة طبية، أو شخصية للفرد، وعليه أن يسعى لعلاجها، وليس كمشكلة اجتماعية، تضاعف من مرض وإحساس الفرد بالعجز والضعف، والذي يؤدي بلا شك إلى الوحدة.
يعتبر النموذج الاجتماعي للإعاقة أن الإعاقة شكل من أشكال الاضطهاد الاجتماعي المرتبط بذوي الاحتياجات الخاصة، فالبيئة غير المهيئة من حيث التجهيزات والخدمات، والتمييز والصور النمطية، كلها أمثلة على الاضطهاد الاجتماعي، الذي يمارسه المجتمع بحق ذوي الهمم.
في العصر الحديث برز دور الوسائط الرقمية في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة، ودورها بتحسين وتمثيل صورهم، وكذلك دورها في عملية الإدماج بالبيئة.
كما مكن نمو الانترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية من تحويل حياة ذوي الاحتياجات الخاصة، لواقع أكثر فاعلية في التواصل مع المجتمع والعالم الخارجي، لكن حتى الآن ما زال هذا العالم الذي يتفاعل عبره أصحاب الهمم مجهولا، وغير واضح المعالم لكثير من الناس.
إن تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة يعود الفضل فيه لشبكات التواصل الاجتماعية، التي مكنت ذوي الهمم من تشكيل الهوية الرقمية، والتعبير عنها بلا قيود، أو تصور مسبق لنوعية وكيفية التفاعل، والتواصل مع المجتمع.
في فضاء الشبكات الاجتماعية يمكنك أن تكون كما أنت بعيدا عن الحواجز التي تفصلك عن الآخرين، بمن فيهم مجتمعك من ذوي الاحتياجات الخاصة، يمكنك أيضا إعادة تعريف نفسك بعيدا عن القوالب والصور المقيدة لإنسانيك، لا أحد ينظر إلى جسدك أو قدراتك، فقط كلماتك وأفكارك هي محط الأنظار والتفاعل.
إعادة تشكيل الهوية في فضاء الانترنت هي ميلاد ثان لمن عانى من التحديات في التعايش مع إعاقته في ظل المجتمع، الذي تعود غالبا على وضعك في قالب ضيق لا يتجاوز الشفقة والرحمة لذوي الاحتياجات الخاصة، والشك في قدرتهم على تخطي التحديات.
موجة الناشطين من ذوي الهمم في شبكات التواصل الاجتماعي مذهلة وفاعلة في إعادة تشكيل الهوية، وخلق التغيير الإيجابي على المستوى الشخصي والاجتماعي، فالعزلة التي كانت تفرض على البعض من ذوي الهمم تقلصت جدرانها، وأصبح بديلا عنها التواصل والخروج من الشعور بالوحدة، إلى عالم أرحب متقبِّل لوجود ذوي الهمم كأي فرد من أفراد المجتمع.
على سبيل المثال من الشخصيات المميزة عبر تويتر حساب الأستاذ محمد سعد الذي يأخذك في حسابه لعالم آخر عبر «يوميات كفيف» فمرة يفصح فيه عن جهوده في مونتاج فيديو، ويطلب من متابعيه إبداء آرائهم حول عمل فني لم تشاهده عيناه بل أحسه ببصيرته وفنه «فليس سهلا أن تتعامل مع لقطات بصرية وأنت لا تراها».
جهود محمد تتواصل عبر مساهمته في تذليل العقبات والتحديات أمام الكفيف في البيئة الرقمية، لتحسين ظروف التواصل، وضمان المشاركة الاجتماعية، وتقليص الفجوة بين أفراد المجتمع وذوي الهمم.