د. أحمد الفراج
قبل أسابيع، نشرت قناة سي إن إن تقريراً مثيراً عن أحد أنصار ترمب، في إحدى مدن ولاية بنسلفانيا، وكان يرفع على منزله علم الولايات المتحدة الكونفيدرالية، وهو العلم الذي كان شعارًا لولايات الجنوب الأمريكي، عندما أعلنت الثورة والانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1861، احتجاجًا على قرار الرئيس إبراهام لينكولن بتحرير الرقيق، وجدير بالذكر أنها قامت حرب أهلية حينها، مات فيها خلق كثير، وانتهت بانتصار الحكومة الفيدرالية، وإعادة توحيد أمريكا بالقوة، ولا تزال معظم ولايات الجنوب ترفع علم الانفصال فوق مباني حكومات الولايات حتى يومنا هذا، ولم يجد الرجل حرجًا في إعلان فرحته بفوز ترمب، وأمله بأن ذلك إيذانا بعودة أمريكا الماضي، وهذا الرجل يمثل قاعدة ترمب الشعبية الرئيسية، أي المحافظين البيض، أو العنصريين إن شئنا الدقة.
وهنا أعود لما تحدثت عنه في مقالات ماضية، عن حالة الانقسام الحادّة، التي تعيشها أمريكا اليوم، وهي الحالة التي بدأت معالمها مع فوز أول رئيس أسود، أي باراك أوباما، في عام 2008، وليس منذ فوز ترمب، كما يذكر كثير من المعلقين، ولذا بدأ الحديث يدور عن إمكانية حدوث قلاقل كبرى، قد تتطور لحرب أهلية، فيما لو تم عزل ترمب، وبهذا الخصوص تحدث الفنان الأمريكي الشهير، كولن كوين، بجدّية، عن احتمالية تطور الانقسام الحالي إلى حرب أهلية، وكان ذلك من خلال برنامج الإعلامية الشهيرة، كريستينا امانبور، ومن على منبر قناة عالمية (سي أن إن)، وقال كولن في معرض حديثه: «إنه لم يكن أحد يتوقع حدوث حرب أهلية في أمريكا قبل قرن ونصف، ولكن ذلك حدث»، ثم أضاف: «إنه يصعب التنبؤ بما سيحدث، عندما تصل الانقسامات إلى الدرجة التي نعيشها اليوم في أمريكا».
لا شك أن الحديث عن حرب أهلية فيه مبالغة. هذا، ولكن حدوث احتجاجات عنيفة أمر متوقع، فيما لو تم عزل ترمب، لأن أنصاره يؤمنون إيمانًا قاطعًا بأن هناك مؤامرة ضده، وبالتالي هي مؤامرة ضدهم، إذ هم على يقين بأن أمريكا كانت مختطفة منذ زمن بعيد، وأن ترمب استعادها، وليس لديهم أدنى استعداد لاختطافها مرة أخرى، والأمر المخيف في هذا السيناريو، والذي قد يكون مفاجئا لكم، هو أن هناك ميليشيات مسلحة، تتركز في المناطق الريفية في الجنوب الأمريكي، وهي ميليشيات متطرفة وعنصرية، ونتحدث هنا عن مئات التنظيمات، وقد ذكرت تقارير عدة أن بعض هذه الميليشيات بدأت تكثف تدريباتها، استعدادًا لأسوأ الاحتمالات، إذ هي تعتبر ترمب زعيمها الروحي، الذي كانت تبحث عنه منذ زمن بعيد، والخلاصة هي أن أمريكا قد تكون بلغت من الرقي في السلم الحضاري ما يمنع حدوث حرب أهلية، ولكن لو تم عزل ترمب، فإنها ستشهد قلاقل واحتجاجات عنيفة وغير مسبوقة!