د. عبدالرحمن الشلاش
المتابع للبرامج الرياضية وبخاصة المرئية هذه الأيام سيُصاب حتماً بالدوار. غابت المعلومات الصحيحة وضاعت الحقائق وغابت المصداقية وانتهكت المهنية وسط هدير هائل من الصراخ والعويل والسباب وتبادل الشتائم والمهاترات المخجلة.
دخلت لهذا المجال الحساس لارتباطه بشريحة الشباب وجوه غريبة جداً لا تدري من أين جاءت وكيف تمت عملية استقطابها وما الأسس التي بني عليها الاختيار؟ هل للصوت المرتفع أو القدرة على انتقاء الكلمات البذيئة والجارحة دور في اختيار تلك الوجوه المتطفّلة على الوسط الإعلامي الرياضي؟ أم أن للعلاقات دور رئيس؟ أو أن صعوبة الحصول على ضيوف من قبل المعدين لديهم رزانة وجودة في الطرح وتوثيق دقيق للمعلومات وقبل كل ذلك احترام للمشاهدين دور في اختيار من هبَّ ودبَّ ودخل لهذا المجال من الشباك وليس من الباب الواسع!
هذه الوجوه للأسف غريبة وغير معروفة وليس للغالبية منهم ما يشفع له أن يشارك في أدنى برنامج تلفزيوني أو إذاعي, ولا يمكن أن يُستضاف ولا ضمن برامج استطلاع آراء المشاهدين, فماذا سيقدّم هؤلاء للمشاهدين؟ فاقد الشيء لا يعطيه ومن تستضيفهم برامج الفضاء تحت مسميات محلِّلين أو ناقدين أو حتى مقيّمين لا يمتلكون أي مهارات وليس لديهم ما يضيفونه لمن يتسمَّر أمام الشاشة لمتابعتهم غير السخرية الممقوتة والردود السطحية المضحكة والتناقضات المخجلة. هل لديهم إلمام بما يدور داخل الأندية, ومعرفة واسعة بالرياضة السعودية تاريخاً وإنجازات؟ كلما استوقفني برنامج أثناء بحثي عن برنامج تلفزيوني في وقت فراغي ولو لدقائق معدودة أصدم بما يُطرح من لغو وتطاول يصل في بعض الأحيان إلى حدود الانتقاص من جهود من خدموا رياضة الوطن من رؤساء أندية ضحوا بأموالهم وأوقاتهم, ولاعبين دوليين ساهموا في رفع راية بلادهم في أكثر من محفل دولي.
لا أستثني أحداً باختلاف ميولهم. هلالي أو نصراوي أو أهلاوي أو اتحادي، فهم فيها سواء يصطفون في القنوات وكأنهم في مدرجات أنديتهم. يبنون آراءهم حسب الميول. في الرياضة الميول ليست عيباً لكن يجب أن لا تؤثِّر في الطرح ولا يشطح بسببها عن حدود المهنية. أتفهّم أن يكون الضيوف من اللاعبين السابقين أو المدربين أو من القريبين من مجالات العمل, لكن أن يفتح الباب على مصراعيه لكل متعصِّب فهذه مشكلة كبيرة تحتاج لعلاج سريع فقد أدت تلك البرامج إلى حالات مؤسفة جداً من الاحتقان في الشارع الرياضي أخرجت الرياضة من أهدافها السامية والنبيلة لصالح برامج باتت تتكسَّب على حساب أعصاب المتابعين.