عبده الأسمري
في الحياة أمور شتى تنتزع منا لحظات الهدوء وتنزع منا سكنات الوفاق.. تأتينا وتداهم مرابع قلوبنا تارة وتدهم مسالك خطواتنا تارات أخرى..
يضيع الإنسان بين فجائية الظروف ومفاجأة الأحداث فيقع رهينا للضياع النفسي والشرود الاجتماعي والتوهان الروحي فيرتمي في دوائر الإحباط ومتاهات التوتر.. يشعر بضعفه ويستشعر انكساره بين ويلات غمرت وجدانه وسوءات اعتمرت عقله..
على هذا الخط من المعارك الحياتية قد يكون فيها الإنسان عدو نفسه أو خصيم ذاته أو طرف ثان أو ثالث في «ابتلاءات مختلفة» تسير به إلى خارطة بلا معالم وطرق بلا علامات تجعله سائرا بلا هدف فتحيط به الأمراض النفسية وتتربص به الاضطرابات الشخصية فإن ظل حبيسا لتلك «المتاهة» فإنه سينتقل من شخص مبتلى إلى آخر يبتلي الآخرين بسلوكياته وتصرفاته في وقت يظل متجمد التفكير عن الخروج من عنق «الصدمة» والنجاة من عمق «الظرف».
قد يواجه الإنسان عددا من المكائد والمصائد التي تضعه في مواجهة مؤلمة مع الكيد والحقد والحسد الذي تصنعه أنفس تفرغت للسوء فأفرغت سمومها في شرايين الحياة المطمئنة واستهدفت قلوب أسوياء يعيشون على المنطق ويتشبثون بالمحاسن وشوهت مساحات البياض لديهم في وقت لا سبيل أمامهم إلا التساهل وقد تكون ضريبته «صعبة الدفع» أو التجاهل الذي يجعل الجهلاء لاهثين لصناعة «كيد جديد» مما يجعل تنقية المحيط من شوائب الجهل بشتى الطرائق أمرا حتميا وحلا محتما في ظل تشبث الجاهل بجهله والسفيه بسفهه والغبي ببلادته..
مواجهة التحديات الحياتية وتجاوز حواجز «السفهاء» يقين العقلاء الذي ينقلهم من قبو «التجادل» إلى قمم «الرقي» والسير على الاستواء بعيدا عن منعطفات الفراغ ومنحنيات التفريغ الذي يخزن فيه الفارغة عقولهم والمريضة قلوبهم «سموم أمراضهم الأزلية» و «هموم عقدهم المتعمقة». لينطلق العاقل بعيدا عن «خطوط الخطر» حتى يستطيع ترتيب أوراقه واستعادة ذاته والسير بها من ويل الشتات إلى سبيل الثبات يتطلب قبول الغير وتقبل سلوكياتهم «مناعة نفسية» و»غرفة عمليات ذاتية» يكون خط بلاغها «الحكمة» وخطة مواجهتها تعتمد على النأي بالنفس عن الجدل والرقي بالذات عن الصغائر.. فكلما اتسعت آفاق العقل توسعت مداركه باستقبال المثيرات وتعدلت الاستجابات وفق سعة الإدراك واتساع التدارك في التعامل والتماثل مع تجارب حقيقية ومواقف واقعية تجعل الإنسان في مواجهة متقلبة ومتنوعة تستدعي الاحتياط قبل وقوعها والتدبير أثناء وقعها ومن ثم التدبر بعد الانتهاء منها لتكون «معلما للاستفادة» في متن العبر.
الفرح صناعة سديدة مجيدة يجيدها من ينتظر الصباح ليرسم لوحة الحياة بأنفاس التفاؤل ونفائس التصالح في كل الاتجاهات.. في وقت يمتهن «القابعون» خلف أسوار العزلة والانعزال نثر السواد على بياض السلام والوئام حتى ينقلوا «العدوى السلوكية» لآخرين يتقبلون إيحاءات الغم وينقبون عن ذرات الشؤم في السلوك والمسالك.
إنها قطبية العيش وتناقض التعايش وفق فروق فردية ومفارقات شخصية تصنع السلوكيات والنتائج في قوالب مختلفة تتشكل في مشاعر خليطة بين الشدة والفرج.
إلى من يغمه «الأمر»... بعد مواقف عمر كانت نتائجها براهين واقعية أثبتت الخداع والتحايل والتمرد على الإنسانية بنزغات شيطانية تشربتها أنفس موبوءة بالذاتية والأنانية.. اصنع لحياتك سياجا يحميك من ثورات «الأشقياء» و»مثارات» «الجهلاء» وضع بينك وبين مكر الآخرين سدا منيعا قوامه «الحذر» ومقامه «النجاة» وامسح من قاموسك كل «الوجوه» الملبدة بالغموم التي تلبست «الزيف» ولبست رداء المصالح وتلحفت بجلباب الحيل.. ونظف فكرك وذاكرتك من كل الملفات «سيئة المحتوى» التي تشكل خطرا صنعتها «فيروسات بشرية» تتربص بمجلدات ذاتك النقية التي لا تتفق مع أخرى تناقضها في السمات والأهداف.
كن أنت وليكونوا كما تمليهم عليهم ذواتهم المسكونة بالتلون والتبدل وفق أهوائهم ومصالحهم.. ففي النهاية «هم الأخسرون».