رجاء العتيبي
بمشاهدة ومتابعة ردود أفعال الرياضيين نقاداً وحكاماً ولاعبين ومسؤولين يتضح أن الخطأ ليس في قيادات محددة، باعتبارها سبب الإشكال العظيم، ولكنه في الحال المتذمرة التي تعصف بالوسط الرياضي ككل، توفيت قيادات مثيرة للجدل - رحمهم الله جميعا، وبقي الوضع كما هو عليه، اعتلى هرم الرياضة قيادات رحلوا وجاء غيرهم، والحالة الجدلية باتت كما هي عليه: جدل، صراع، صراخ، اتهام، تهويل، سب، شتم، سخرية، تشفي، شكاوى، أحكام ظالمة، قوانين فضفاضة، غرامات مالية كبيرة، ...إلخ.
والأعجب من ذلك مشاهدتنا لرؤساء أندية يدخلون ساحة العراك من منبر تويتر، تركوا مكاتبهم وتفرغوا للمناوشات والتلميح والتصريح والاعتراضات، وتناسوا أن لهم مكتبا في النادي ينتظرهم لرسم خطة تطويرية والارتقاء بلعبة كرة القدم والألعاب الأخرى، فيما يقابلهم نقادا وجماهير صوتهم أعلى من صوت المنادي، بعضهم مع، وبعضهم ضد، يقولون كلاما مؤذٍ تتحسر على كل ثانية قرأت فيها التغريدة أو استمعت لأحدهم في قناة فضائية أو قرأت له مقالا.
تشاهد باستمرار أسماء بعينها هي التي تنشر الفوضى الكلامية في كل مكان، وكل من قال سوءا حظي باللقاءات الإعلامية وصار شخصية مطلوبة على أساس أن السب والشتم والاتهام (إثارة) إعلامية!!، وهذه الوسائل الإعلامية شاركت - بفعلها ذلك - في تمزيق (الشق) حتى بدا كبيرا تفوق (رقعته) طاقة المصلحين المخلصين.
لا يمكن أن نقتنع بأن الرياضة (أُريد) لها ذلك بضم همزة القطع، لأن الحال هذه مستمرة منذ عقود مضت، ولا نظن عاقلا يريد أن الوسط الرياضي يكون عبارة عن (مشكلات وعقد ونفسيات) إلا أن (التسطيح) بات سيد الموقف، فضاع صوت العقلاء.
إن فازت الأندية مشكلة، وإن هزمت مشكلة، وإن تعادلت مشكلة، جاء (الفار) ليحل زوايا لم يشاهدها الحكم، حتى يكون القرار عادلا، فإذا به يتحول إلى قضية القضايا، صار الفار مع هؤلاء ضد أولئك، ومع أولئك ضد هؤلاء، ولا تدري من الصادق؟ كلٌ يغني على ليلاه، فصار الصوت الإعلامي في الرياضة عبارة عن (تعبئة) للأتباع ليس غير، أصوات متطرفة لا تقل تطرفا عن تطرف الطوائف الدينية.
الإثارة مطلوبة في الرياضة، والتنافس أساس اللعبة، ولكن البعض فهمها بالخطأ، يتوقع أن النيل من الآخرين عملاً مثيراً، واغتر بتصفيق الأتباع فعد نفسه محللا وملهما ومحاميا، وهو لا يستطيع أن يجمع أربع كلمات على بعض، فيما تناقضاته لا حصر لها.
لم يتحدث أحد عن المستوى الفني للعبة كرة القدم، ولا عن خسارة المنتخب السعودي في كأس آسيا، ولا كيف يمكن أن نعاود المنافسة من جديد بروح جديدة وفريق مبهر يلعب بمهارة وفن وجمال، خسرنا كأس آسيا، والمحللون مازالوا على طريقتهم الأولى.