أ.د.عثمان بن صالح العامر
يتفق الجميع على الدور الإيجابي الذي لعبته المؤسسات الصحفية ممثلة بصحفها اليومية في المملكة العربية السعودية، فهي من واكب الأحداث، ورصد التحولات، وكتب أصحاب الرأي فيها عن التطلعات والطموحات، وقامت هذه الصحف برسالتها التوعوية والتثقيفية المنوطة بها نحو المجتمع السعودي بكل حرفية واقتدار، ولم يكن هذا الجهد الذي امتد منذ عهد المؤسس لهذا الكيان العزيز جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله ورعاهم وأعزهم وحماهم-، وسيظل كما كان -بإذن الله- قوياً وفعالاً ومؤثراً، أقول لم يكن هذا الجهد الذي قامت به المؤسسات الإعلامية في بلادنا الغالية جهد شخص بعينه، ولا حتى مجموعة محددة من الأشخاص ذات ثقافة عالية وإدراك تام لفقه المآلات والعواقب، ومجريات الأمور وتطورات الأحداث، ولذا قد يكون فيما نشرته الصحف التابعة لهذه المؤسسات سواء أكانت المادة المنشورة أخباراً ومقالات، أو تحقيقات واستطلاعات ما هو محل مؤاخذة ومسألة، أو أنه على الأقل خاضع لاختلاف وجهات النظر إزاء الزاوية التي ينظر من خلالها كل طرف للموضوع محل النزاع، أو أن كاتبه لم يدرك أبعاد الموضوع الأخرى حين كتابته للمقال جهلاً منه أو نسياناً أو ...، إذ هو في النهاية بشر يعتريه الخطأ والزلل والنقصان، وربما قد يكون ما نشر مناسباً في حينه، ويمثل وجهة نظر معقولة ومقبولة، ولكن مع تغير بوصلة الأحداث وتبدل الواقع اختلف الحال وتباينت المواقف من الإيجاب إلى السلب، ومن الطبيعي أن ينشأ عن ذلك وغيره خاصة مع تقادم الزمن قضايا ومساءلات، وحتى لا تتراكم القضايا ومن أجل التسريع في فك ما قد ينشأ من نزاعات وتجاوزات فقد أصدرت وزارة الإعلام مشكورة تعديلات جوهرية على لوائح وأنظمة لجان النظر في مخالفة أحكام نظام المطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع، حددت فيه المدد بدقة متناهية سواء حيال سماع الدعوى ابتداء (90 يوماً)، أو إنهائها (60 يوماً).
ولا عجب أن يصفق لهذه التعديلات ويكتب عنها كل من يعرف القيمة الحقيقية للإعلام المقروء والمرئي والمسموع، فضلاً عن المنضوين تحت مظلة المؤسسات الإعلامية الرسمية منها وشبه الرسمية وكذا الخاصة، فهو حد فاصل بين عهدين، عهد كانت فيه ملفات القضايا تكبر وتتعاظم جراء مرور السنوات وتعاقب الأشخاص، وعهد جديد يشترط عدم التقادم في نص الدعاوى ويحدد المهام المنوطة باللجان على وجه الدقة وبكامل التفاصيل.
إن التفاؤل بوجود الإعلامي المعروف الأستاذ تركي الشبانة وزيراً للإعلام -ويحمل معه هذه الحقيبة الوزارية الهامة في هذا الوقت بالذات- لا يقف عند حد، فالمؤسسات الصحفية والصحف الورقية تبقى حية مؤثرة ودورها يتجاوز مجرد كونها وسيلة إخبارية إلى اعتبارها مرجعاً ثراً ومصدراً مهماً للمعلومة ويعول عليها في رصد التغيرات وتبدل المواقف وتحليل الأحداث أكثر من أي وسيلة إعلامية أخرى خاصة ما هو في الإعلام الحديث، ولذا حقها الدعم والمؤازرة والوقوف الحقيقي معها حين تمر بها أزمة مالية أو يواجهها ظرف ما ولذا فالأمل لدى الأسرة الإعلامية في معالي الوزير وفريقه المختص كبير لضمان استمرار التدفق الصحفي والعطاء الثقافي والفكري الوطني الذي نعتز به جميعا ونفتخر. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.