فهد عبدالله الزهراني
عندما تتأمل في قراراتك الخاصة أو قرارات الآخرين أيًّا كان اتجاهها، وبغض النظر عن تقييمها، ستجد أن تلك القرارات كانت نتيجة لتراكمات سلوك ذهني، تكون عبر الزمن من خلال المعارف البديهية والمكتسبة، وكذلك الممارسات التفاعلية ومدى عمقها واتساعها.
وهذا قد يكون السبب الأوهج في تنوع مشارب القرارات والتفاعلات من شخص إلى آخر. وهذه المعادلة الموزونة بثبات اختلاف القرارات ترسم بعض المعطيات والآثار التي قد تشكل وعيًا فريدًا لمن يتأملها، ويبحث فيما وراء تكوينها رغبة في تحسين القرارات وصحة وبساطة العمليات التي تسبقها وعمقها.
طيف من هذه التأملات على النحو الآتي:
- أهمية معرفة خارطة الطريق لأي قرار تم إقراره، وهل كانت معطيات ذلك القرار مكتملة تمامًا؟ وهل كانت صحيحة وذات تقييم واضح في مسار أهمية تلك المعطيات وتفاوت القوة والأولية في تصنيفها؟
- سيكون هناك نداءات داخلية متكاثرة تهاتفك قبل أي قرار نوعي بأن أرجوك ارسم معالم تضاريس المعطيات دون الاعتماد فقط على تلك الطرق التي اتبعتها سابقًا للإيمان سلفًا بإمكانية وجود معطيات وطرق قد تقودك لقرارات أفضل.
- الهدوء النفسي في النظر لقراراتك الخاطئة في الماضي، وأيضًا قرارات الآخرين التي قد لا تتوافق معها؛ وذلك بسبب تفهمك للمعطيات في ذلك الحين، أو المجهولة بالنسبة إليك الآن، أو لعدم قدرتك على التقييم، أو من خلال الحياد النفسي الذي أورثته التجارب والزمن، وظهر في صفة الهدوء والتفهم.
- صفة التحرر الدائم في القناعات الذي يقود إلى معرفة الأصح من بين القناعات والقرارات مهما كان عمق القناعات السابقة لديك أو سطحية القناعات الجديدة؛ لكون الذائقة الجديدة التي تكونت لديك أصبحت تزيد من مساحات الجهل، وتؤكد حقيقتها، وترنو دائمًا لمعرفة المعطيات الجديدة والتقييم المعياري للقناعات السابقة والجديدة.
- العقلية والذهنية المرنة التي لا تستقيم مع الجمود من خلال محاولة مجاراة النفس العلمي في صياغة القرارات في البحث عن مصادر المعلومات وتقييمها والاستقصاء عنها ومناقشتها، والتأكد من احتوائها على مواصفات طريق صحيح لقرارات أيضًا صحيحة.
- تطور عقلية البارادايم من خلال الإنصات الواعي وتفهم الدوافع العميقة المختلفة، ومعرفة ما خلف الكواليس للقرارات المختلفة.
- النفور الشديد من القولبة الفكرية والذهنية للاعتقاد بأنها أكبر حيد صخري قد يجعل من مياه التغيير والتصويب في القرارات تتكسر عندها.
- من أكبر آثار ذائقة القرارات الواعية أنها ستجعل من الفرد لديه استحثاث ذاتي للبحث عن المعلومة الجديدة، وكأنه في حالة هرولة دائمة لسد فراغات الجهل التي لم ولن تمتلئ.
- لا يحب أن يألف مع طريق واحد في صياغة التفكير والقرارات لإيمانه بأن الألفة هنا قد تغيّب عنه يومًا ما قرارات وفرصًا وتفاعلات أفضل من تلك التي كانت نتيجة لعلاقة الألفة مع ذلك الطريق القديم المعتاد.
- سيفكر كثيرًا في تلك العصافير العشرة التي على الشجرة، وكيف يظفر بها جميعًا أو أغلبها دون ممارسة القناعة الدارجة بالاكتفاء بعصفور واحد في اليد.
- يعرف تمامًا كيف يتفاعل بطريقة مدهشة وحكيمة مع الآخرين المختلفين دون تجيير الصوابية لما هو عليه أو توزيع صكوك الأخطاء على الآخرين.
- يمارس النقد بطريقة مهنية ومحترفة لكل ما يحصل حوله من خلال انعكاس إيجابي لذلك النقد تقييمًا وتصحيحًا للقناعات والقرارات لديه.
القرارات الواعية هي رصيد من العمليات الذهنية الهائلة التي تجعل كل تجربة يمر بها الفرد ذات خاصية مراجعة، تؤثر إيجابًا في تطوُّر مستمر في صياغة القرار والترقي الأخلاقي والفكري.