محمد سليمان العنقري
نشرت «بلومبيرغ» تقريراً قبل أيام أكدت فيه أن صناديق استثمار عالمية تسعى لبناء مراكز لها بالسوق المالية السعودية، يأتي ذلك قبل أسابيع من بدأ ضم السوق المالي لمؤشرات الأسواق الناشئة مورجان ستانلي وفوتسي من خلال إضافة شركات مدرجة بالسوق للمؤشرين الأشهر عالمياً، كما يضاف لذلك ما نقل بوسائل الإعلام عن اهتمام لشركات مالية عالمية عديدة بالاستثمار بالسوق المالي حيث قاموا بجمع البيانات والمعلومات من خلال وكالات التصنيف الشهيرة مثل ستاندر اند بورز عن الشركات المدرجة بالسوق.
عادة مثل هذه الأخبار تمثل إشارات أولية لها دلالة إيجابية عن مستقبل الاستثمار بالسوق المحلي خصوصاً أن الشهر الماضي شهد أكبر موجة شراء للأجانب بالسوق منذ أكثر من أربع سنوات، حيث بلغ حجم مشترياتهم حوالي أربعة مليارات ريال وساهم ذلك بارتفاع فاق 9 % بمؤشر السوق منذ بداية العام الحالي، فهذه المؤسسات الاستثمارية التي تبدي اهتماماً بالاستثمار محلياً بالأوراق المالية المدرجة بالسوق تبني مراكزها لسنوات طويلة عادةً مع هامش من الحركة يتبع المعايير المهنية بتقييم فرص الاستثمار سواء شراء أو بيع.
فمن أهم المؤشرات الإرشادية للاستثمار بالأسواق عموماً والمالية خصوصاً هي حركة المستثمرين الكبار تحديداً المؤسسات الاستثمارية الكبرى، فعوامل دعم قرار الاستثمار بالنسبة لهم تبقى الأساسيات المتعارف عليها من تحليل أساسي سواء للسوق أو للاقتصاد وكذلك المالي والفني، ولو أخذنا نظرة على المحفزات الإيجابية التي تدعم قراراهم فهي بالتأكيد تتمحور حول استقرار أسعار النفط عند مستويات جيدة لدعم النمو الاقتصادي بالمملكة بالإضافة للموازنة العامة التاريخية التي أعلنت وغير المسبوقة بحجمها وما تحمله من تركيز على تنشيط الاقتصاد، حيث يبلغ حجم الإنفاق الاستثماري 246 مليار ريال من أصل 1.106 مليارات ريال حجم الموازنة العامة.. كما أن إطلاق مبادرة تطوير الصناعة الوطنية التي تستهدف استثمارات بحوالي 1.7 مليار ريال بخلاف الكثير من مشروعات التنمية مما سينعكس بمعدلات نمو جيدة بالإيرادات والأرباح للعديد من القطاعات بالاقتصاد والممثلة بشركات مدرجة بالسوق مثل القطاع المالي وكذلك الصناعي ومواد البناء والخدمات وغيرها.
الاستثمار المنشود من قبل هذه المؤسسات والصناديق العالمية هو لسنوات طويلة، ولكن بناء المراكز يبدأ من هذه المرحلة التي تنطلق بها عجلة مشروعات وبرامج الرؤية؛ فهذه الإشارات الجيدة للاستثمار بالسوق المالية ليست لمدى قصير ومن سينظر للاستثمار بالسوق بنفس قصير قد يكسب لكنه لن يحقق العائد الأكبر الذي تسعى له هذه المنشآت الاستثمارية على مدى السنوات العشر المقبلة؛ فمن يبحث عن فرص للادخار والاستثمار لابد أن يكون صبوراً وينتقي الأفضل ويقتنص الفرص ببداياتها بعد أن يكون قد درسها بشكل جيد واتخذ قراره الصحيح بالاستثمار من عدمه من خلال تحليل الأساسيات والاستعانة ببيوت الخبرة إذا لم يكن متمكناً بالقدر الكافي لاتخاذ قراراه الاستثماري الجيد.