«الجزيرة» - إشراق الروقي:
الموسيقي الحقيقي أثبت بأن صوت الإنسان وأداءه المُتمثل في الغناء مُكمل لا أقل ولا أكثر، وأن الموسيقى وحدها قادرة على إيصال كل أنواع المشاعر، بل ربما أنها أبلغ من أي وسيلة أخرى، ذلك الصمت الرائع والمُنمق بنغمات ترتفع تارة وتنخفض يحمل في طياته الكثير ليصل إلى أعمق نقطة في النفس.
الموسيقي اليوناني الشهير «ياني» أحد أولئك الذين لم يحتاجوا لصوت ذو خامة مميزة ولا أداء استعراضي كي يشد الجمهور ويجذبه له، بل اكتفى بأنامله الخمسة عوضًا عن ذلك، كانت أنامله هي من تصف الفرح في أبهى حلته، وتعزف الحزن بصمت أنيق، وتشدو بنغمات رومانسية يرق لها الحبيب.
بدأ ياني العزف في سن مبكرة منذ أن كان عمره 6 سنوات دون أدنى خبرة في العزف، حيث إنه لم يأخذ دورسًا في تعلم العزف وكان مُصرًا على ذلك حتى يومنا هذا، وذلك نابع من ايمانه الحقيقي بأن الموسيقى تُعزف من صميم الإحساس النبيل الصادق، وأن الموهوب بحق في أي مجال لا يحتاج يتعلم شيء يؤديه بحب صادق لا مُتناهي.
حينما تخرج ياني من الجامعة عام 1979م، اتخذ قراره بأن يمنح جُل وقته واهتمامه للموسيقى، وبالرغم من أنه لم يدرس الموسيقى ولم يتعلم قط قراءة النوته الموسيقية إلا أن ذلك لم يعقه بتأليف أجمل المقطوعات والأعمال الموسيقية التي سحرت كل من يستمع إليها، بل يتمتع بأسلوب خاص يميزه عن غيره للدرجة التي تُمكنك من الوهلة الأولى تمييز ما إذا كانت هذه المقطوعة التي تستمع اليها لياني أم لغيره من الموسيقيين.
يؤمن ياني بأن الموسيقى غذاء للروح ودواء لكل ما يؤذي النفس البشرية، تعزز من مبدأ التقارب وتُطفئ شرارة الغضب وتجعل من الإنكار قبول وتراضي، لذا في عام 2003م أصدر ألبومًا أسماه «العرقية» يهدف إلى نبذ العنصرية بين الشعوب، إذ تميز باستخدام العديد من الآلات المتنوعة والمميزة لدى كل شعب مثل آلة الديدجارويدو الأسترالية وآلة دودوك الأرمنية والكمان والطبل الهندي.
يعد البوم العرقية الألبوم الأول الذي ضمّن فيه ياني صوت الإنسان مؤديًا تراتيل جماعية وبعض الكلمات ذات المعنى العميق مثل أغنية «The promise».
إبداع ياني لم يقف عند الموسيقى فحسب؛ بل ألف كتابًا يحمل في طياته الكثير من حياته الشخصية تحت عنوان «ياني في كلمات» كتب فيه عن حياته بدءًا بطفولته في اليونان ومرورًا بدراسته الجامعية لتخصص علم النفس في الولايات المتحدة الأمريكية وصولًا إلى دخوله عالم الموسيقى من غير عودة في ذلك.