سعد بن عبدالقادر القويعي
بالتزامن مع التحولات السياسية العربية، وما رافقها من انتشار واسع لوسائل الإعلام، فإن خطاب الكراهية أفرز ظاهرة اجتماعية مؤرقة، وحالات متعددة من الاستقطاب البغيض؛ كونه ظاهرة اجتماعية سياسية، واتصالية معقدة، ومركبة، -خصوصًا- بعد أن شهدت المجتمعات العربية نمو هذه الظاهرة، وبأشكال صادمة، تراوح بين خطاب إقليمي ظاهر، ومستتر، وخطاب طائفي صريح، والتي يتم النفخ فيها -اليوم- بطريقة غير أخلاقية؛ من أجل إظهار السوءات القبيحة من الطمع المتأصل، والانتهازية الرديئة.
كي لا نبتعد كثيرًا، فإن التأكيد على ضرورة الابتعاد عن إعادة إنتاج القولبة الثقافية، والاجتماعية، والسياسية، أو إعادة إنتاج الهويات الضيقة، والمرجعيات الأولية، سيتولد عنه إنتاج حق الوطن للعيش بسلام مجتمعي كريم، يتيح للجميع التقدم بتناغم فريد، بعيدًا عن إثارة النعرات، والنزاعات. كما أن التأكيد على بناء شراكات مع مختلف الجهات الفاعلة، التي تلتزم بمنع التمييز، وتعزيز السلام، ونشر ثقافة الاحترام، والاندماج في المجتمع، سيعزز، ويعمق المشترك الإِنساني، والأخلاقي، والديني، والمذهبي، وسيخدم منهج الوسطية، والاعتدال، وسينمي قيم التسامح، الذي يعد سمة أساسية من سمات المجتمع الوسطي.
بقي القول: لا يستقيم الحديث عن السلام في المجتمعات، دون التأسيس لمفهوم التسامح، ومراقبة مضمون خطاب الكراهية، والتحريض على وسائل الإعلام -بشتى- أشكاله، وصوره، وسيتطلب الأمر علاجات متنوعة، ومتكاملة، وذلك ضمن استراتيجيات مشتركة، ومتناسقة، من أهمها: الحرص على نشر ثقافات تحترم التعددية، والتنوع، وتغرس قيم التسامح، بعيدًا عن إنتاج مناخ الأزمات السياسية، والاجتماعية، أو الصراعات ذات المضامين الدينية؛ حتى لا يتزامن انتشاره -عادة- مع الانكسارات، والتحركات الكبرى للشعوب، وذلك من خلال تصنيف الناس، والشرائح، والطوائف، والأعراق، خارج الدين، والعقل، وحقوق الإِنسان، وخارج البعد الإِنساني، والأخلاق، والأخوة الإِنسانية.