د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
على مستوى المعرفة التنظيمية ثمة روابط داخلية تظهر من خلالها الفروق بين عمليات صنع القرار في الإدارات العليا والقرارات الخاصة بالمشتركات التنفيذية المتعاونة خارج المؤسسات، فعدم الالتفات للاختلاف في ديناميكية المنهج يولد أجندات غير مرنة مما يجعل الإنتاجية عرضة للفشل؛ ويحدث ذلك عندما يكون التوجه للرغبات والانطباعات في البيئات عتيدة المكان والتكوين!
وهذا الرأي أطرحه؛ وفي الوقت ذاته أتمنى المعذرة من كل قطاع مؤسسي أقام أوتاده على إمكانية احتضانه لشراكات إستراتيجية, وبالمفهوم البسيط التعاون المفروض على طبيعة العمل في بعض القطاعات مع قطاعات أخرى؛ والذي قد يكون مستندًا إلى واقع لا يُمثل داعمًا موثوقًا لإخراج النتائج بصورة متوازنة بين البيئات المتعاونة والمعاونة في جوانب المقدرات والتحديات. وحتى لا يستغلق على القارئ الكريم الوصول إلى هدفي من هذا الطرح؛ فإني أوضح أن كثيرًا من قطارات الشراكات الإستراتيجية كما ينعتونها نظريًا أصبحت تحتويها كثير من محطات القطاعات المختلفة على مستوى البرامج التي تستهدف الخدمة المباشرة؛ ولكن هل استطاعت هذه المؤسسات متابعة آلية التعاون والتشارك ضمن إستراتيجية التكوين الأساس، فالذي يظهر أن كثيرًا من القطاعات لم تبذل جهودًا لحماية التشارك من أن يتحول بعد هنيهات من توقيع منصاته إلى واحد دون مردود ومعنى؛ ومن وجهة نظري المتواضعة أن الشروع والتسابق في استجلاب الشراكات بين المؤسسات لابد لإنجاحه من استغلال التشابه أو الاختلاف البارز في قطبي التشارك؛ كذلك تغيير طبيعة العلاقات بما يحقق الاندماج الحقيقي للاستثمار الأمثل لكل مكون بارز ومتميز في الجانبين، كما أن تغيير طبيعة العلاقات بين المتشاركين يحقق الاندماج الحقيقي والاستغلال الأمثل للفرص الجديدة. ويأتي التحليل التقييمي للقدرات المتوفرة عند المتشاركين في مقدمة المكونات التي تؤطر بشكل سليم للقرارات المشتركة، ومن ثم النتائج المشتركة الحافزة. وعندما تصنع المؤسسات الإستراتيجيات العظيمة فإنها حتمًا تؤسس للأولويات، وهنا مربط الفرس، وما يُدار في غير تحديد الأولويات من كؤوس أخرى «كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه»...
وإن عرّجنا على التعاون والمشاركة في صناعة الإستراتيجيات التشغيلية؛ فينبغي حتمًا أن لا يكون ذلك طارئًا دون تحضير. ومن أهم أدوات نجاح التلاقي والمشاركة الشفافية المتمثّلة في عنصر المعلومة ووضوحها، ثم إن عمود التشارك بين المؤسسات - في نظري - هو تحديد الفكر التنظيمي لكل جهة وما يتبعه من التنظيمات لتستوعب الواقع الراهن بكل محمولاته، وفي نظري أيضًا أن إطلاق المشاركة والتعاون من أجل التلاقي الإنتاجي إذا ما أُحكمت صياغة الأطر النظرية، وحُددت مسارات التنفيذ، و»علم كل أناس مشربهم» سيؤدي حتمًا إلى أن يُعيد القطاع المتعاون اكتشاف مهامه الغائبة نوعًا ما؛ من خلال إستراتيجية التعاون الجديدة، حيث إن كثيرًا من الكيانات التي تتبارى للفوز بشراكات لإنجاز مشاريعها إن لم تدمج قيمة التعاون الأخلاقية كمحفز دائم في قيم المؤسسة ومبادئها مهما كانت نقاط التشارك مع الآخرين فإن الجهود الأولية لصياغة بطاقات الدخول سوف تذهب أدراج الرياح، إذا ما كانت غير منتظمة وبلا تخطيط سليم يحدّ من العقبات، ويضمن التركيز على لُبّ العمل وإنجازه فحسب، وأجزم - كما يعي غيري - أن المؤسسات التي تبحث عن شركاء إستراتيجيين وتُقيم وزنًا للتعاون المؤسسي تعتبر من العقول المنفتحة. ولكن التساؤل الأكثر انفتاحًا؛ هل يوجد تصنيف وطني للمنصات المتميزة في المجالات المتشابهة التي يمكن للقطاعات والمؤسسات الدخول معها في شراكات إستراتيجية، فكثير من الكيانات القوية والمؤمل عليها نُخرت من قبل الشركاء حتى هوى بنيانها من القواعد. ومن خلال التصنيف المبني على معايير فوارة وجاذبة ومقنعة سوف تتمكن القطاعات المتشاركة بأن تكون أكثر ذكاء في التقاط المحتويات الجديدة من القطاعات المعاونة والمشاركة, وكذلك سوف تتمكن من الصعود إلى المقاربات الأكثر أهمية..
وفي ظل آفاق مشرقة - بإذن الله - للتعاون المؤسسي والشراكات الناصعة ستكون النتائج مذهلة في تحقيق ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.