خالد بن عبدالكريم الجاسر
لبناء قاعدة نموذجية رسمت المملكة برؤيتها خططاً وبرامج اقتصادية سادت العالم، ليست فقط كأكبر اقتصاد شرق أوسطي بلا مُنازع، بل مُحققاً وجاذباً لاستثمارات كُبرى غير مُعتمدة على مصدر النفط، حيث نوعت مصادر الدخل وعززت القدرات المالية والاقتصادية، لتتبعها مبادرات وإنجازات رؤية حالمة تجاه استحقاقات التنمية المُستدامة، وترجمةً لسياسة رشيدة، في ظل تداعيات الأزمة العالمية، خاصة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ تَتَوقع المُؤسسات المالية الدولية أداءً ضعيفًا للاقتصاد العالمي هذا العام إسوةً بعام 2008، والتي بَعُدت خُطاها عن الاقتصاد السعودي ليصبح بمنأى عن تأثيرات هذه الأزمة وتوابعها، وقد أكدها مسيرة اقتصادية كانت الأسرع نمواً بإعلان العهد التريليوني 2019 بميزانية ضخمة، ليُنفق بسخاء، بينما العالم يُقلص... ناهيك عن ارتفاع العائدات غير النفطية بنسبة 300 % خلال الأربع سنوات الماضية، ليُتوقع أن يُحقق العام الحالي نسبة 2.6 %. لتكون التقديرات المتوقعة لإجمالي الإيرادات نحو 978 مليار ريال في العام الجاري 2019، بزيادة 11 %.
لقد حقق اقتصادنا العديد من التقييمات المُرتفعة، آخرها تقييم وكالة «موديز» مصحوبةً بإشادة قوية من صندوق النقد الدولي، ووكالة فيتش الائتمانية وجميعها صادقت على متانة اقتصاد المملكة المُرتكز على دعائم قوية بمُختلف الأصعدة الإنتاجية والتجارية والمالية، بما في ذلك الاحتياطات النقدية الأجنبية والأصول الكبيرة، مُحققاً صعودًا في النمو بلغ 2.5 %، ليدفع به إلى مزيد من الخُطى نحو مستويات تفاعلية أفضل مع الاقتصاد العالمي وتعزيز مكانة وتأثير المملكة إقليميًا ودوليًا.
وكأحد أقوى ركائزنا قام الصندوق السيادي بمشاريع ضخمة، آخرها 35 مدينة صناعية تضُخ إنتاجها في شُريان الاقتصاد وتوفر مظلة أمان مالية للمملكة. سبقها تدشين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في الرياض «برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية» الذي يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة عالمية، كأحد أهم وأكبر البرامج الثلاث عشرة في رؤية المملكة تأكيداً لمبدأ «صفقة بلا محتوى حُلم» لتُحافظ سعوديتنا على موقعها بين الصناديق السيادية العشر الكبار في العالم بنهاية شهر نوفمبر 2018، بحصة لصندوق الاستثمارات العامة وساما بلغت نحو 10.8 % بما يعادل 875.6 مليار دولار (3.3 تريليون ريال)، وفقاً لبيانات معهد صناديق الثروة السيادية العالمي، لتبلغ أصول «ساما» 515.6 مليار دولار (1.93 تريليون ريال)، تشكل 6.4 % من الثروات السيادية العالمية، وتُصنف المملكة بالمرتبة السادسة عالميًا بين الصناديق السيادية. بل وتحتل المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين للاحتياطيات النقدية بأكثر من 507.2 مليار دولار (1.9 تريليون ريال)، بعد كل من الصين واليابان. إذ يبلغ إجمالي الاحتياطيات الأجنبية لدول مجموعة العشرين (باستثناء تكتل الاتحاد الأوروبي) نحو 7.9 تريليون دولار بنهاية شهر أكتوبر الماضي، وتُشكل الاحتياطيات الأجنبية للسعودية نسبة 6.4 % من إجمالي الاحتياطيات الإجمالية لدول المجموعة.
وقفة: يواصل برنامج التوازن تحقيق أهدافه، بتنفيذ حزم البرامج التي انطلقت خلال العامين الأخيرين، وبرامج أخرى سوف تُطلق لاحقاً تتضمن في أبعادها إصلاحات هيكلية ذات عوائد اقتصادية متوسطة وطويلة الأجل تستهدف عددًا من القطاعات، منها ما يُتيح للقطاع الخاص فرصة ملكية أو إدارة أصول مملوكة للدولة، وتقديم خدمات عامة مُحددة بدلاً عن الحكومة، لزيادة مساهمة دور هذا القطاع في الاقتصاد، وأيضاً المساهمة في عملية جذب الاستثمارات الأجنبية وقنص الفرص.