د. عبدالرحمن الشلاش
في هذه الأيام، وفي قادم الأيام أي في المستقبل القريب والبعيد يجب أن يكون حديثنا مركزاً على الرؤية والخطط التي اعتمدتها المملكة خياراً وحيداً للتعامل مع متغيِّرات المستقبل السريعة أو المفاجئة وربما غير المتوقَّعة للدخول بقوة وجرأة لحلبة التنافس العالمي من خلال حزمة هائلة من الاتفاقيات والمشاريع وإعادة النظر في مسألة الاعتماد على النفط كمصدر رئيس وشبه وحيد للدخل القومي وهو ما أدى إلى إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة.
إذا كان التخطيط الإستراتيجي يعني التفكير في المستقبل البعيد بطريقة علمية، ويأخذ في حسبانه جميع المتغيّرات الداخلية والخارجية، حيث يقوم هذا التخطيط بالإجابة على سؤال هام هو «إلى أين نحن ماضون؟» فإن التركيز على جملة الميز التنافسية للمملكة هو الأهم فلا معنى للإستراتيجيات دون ميز تنافسية تكون عوامل استقطاب محلي ودولي.
الميزة التنافسية هي الكيفية التي يمكن أن تميز الدولة بها نفسها عن غيرها لتحقيق التفوّق. في بلادنا كثير من الميز لكنها بحاجة مستمرة للتحسين المستمر واعتماد أساليب تسويقية أفضل بخفض التكاليف والتحسين المستمر للجودة، ولعل من تلك الميز ما يعتبر نادراً، بل إنه قد لا يتوافر بجودته العالية في غير السعودية. النفط مثلاً قد يفقد قيمته مع الوقت بظهور بدائل أجدى وعندها ستحل تلك الميز مكانه إذا استمرت الحكومة في المحافظة عليها وتحسينها. السلعة مثلاً مهما بلغت جودتها لا يمكن تسويقها أو بيعها بشكل فعَّال دون خفض تكلفتها وتحسين جودتها لبيعها بسعر مناسب ومربح.
لنأخذ السياحة مثلاً في تقديم كثير من الميز التنافسية التي تضمن البقاء في الصدارة مثل السياحة لزيارة الآثار أو بعض المناطق التاريخية والدينية والزراعية والصناعية. هذه بالذات تحتاج لإعادة صياغة وتجهيز من جديد كي تستقبل مئات من السياح الأجانب من أمريكا وأوربا والذين يتجهون في الغالب لدول لديها بعض المقومات السياحية كالآثار مثل مصر والأردن واليونان، حيث تربح تلك الدول الكثير بفضل ميز تنافسية لديها وهو ما يمكن خلقه هنا بشرط رفع بعض القيود، وإزالة العوائق.
لعلنا بدأنا نلمس بعض المبادرات التي بلا شك سيكون لها أثر في خلق ميز تنافسية جديدة، والحذر في هذه الخطوات الجديدة من دعاة التخلّف في محاولة لإعادة العجلة للوراء، أو الضغط للتخلي عن التوجهات المستقبلية أو بعضها على الأقل.