نوف بنت عبدالله الحسين
أربعين من العمر مامن جديد
وش بقى بعمري..قولي وش بقي
عبداللطيف البناي
ما بين الأربعين الهجرية والتاسعة والثلاثين الميلادية، أتقلّب في سنوات العمر
أشكر الله على بلوغ هذا العمر، وأتأمل سرعة الأيام وعجلة السنين، وتسلّل الخصلات البيضاء وتراكم الخطوط حول العين والجبين، فيا ترى ماذا تخبئ لنا الأيام بعد؟، وماذا تعني الأربعون؟، وهل هي بداية لمرحلة أم نهاية لمراحل؟، وهل حقاً العمر مجرد رقم أم أنه يتجاوز الرقم عبر تراكمات السنين والخبرات؟...
نختزل أعمارنا في دوامة الحياة، ونركض لاهثين دون أن نشعر بأسبقية الوقت، تعلّمنا، درسنا، قرأنا، تزوجنا، أنجبنا، وعملنا، والكثير من التفاصيل.
مارسنا الحياة التي قدّرت علينا بحلوها ومرّها، وفي كل يوم درس جديد وحياة مختلفة، وما الأربعون إلا عمراً نقضيه في حياة لا تخلدنا بل لنا وقت وتوقيت نعيشه ثم نرحل.
وبعد...
ولطالما أتذكر مرحلة العشرين الهجرية والتاسعة عشر الميلادية، كعمر استثنائي، كأوج فترات الشباب، وكأنها البارحة، عبر أحلام وطموح وآمال، نرسم حياتنا بحماس ونشعر باللحظة وكأنها باقية، نظن بأن الحياة تنتظرنا إلى أن نفرغ لنعيشها كما يجب، وندرك في الأربعين أن الحياة لا تنتظر أحداً إن لم نعشها في وقتها، فتأجيل الأحلام يفقدها طعمها، ويخفت بريقها...
وفي عمر الأربعين لعلّي أستطيع أن أكوّن فلسفة معيّنة عن الحياة، بأن أعترف بالعمر كواقع وبأن الحياة تكون جميلة إن أردنا وتكون مزعجة ومؤرقة إن سمحنا لها بذلك، وبأن العمر يتأرجح ما بين الحلو والمر، وأن التجربة التي تستحق أن تعيشها لا تؤجلها، فلكل عمر مزاياه، ولكل لحظة ثمن.
وكحديثة عهد بالأربعين رأيت بعض الاستغراب في عين أمي وإن لم تفصح عنه، ولمست بعض الخوف داخلي وإن لم أفصح عنه سوى هذه اللحظة، ورأيت من هم في الستين وكأنهم في الثلاثين فخفف الأمر من قلقي بعض الشيء، إلا أن الشيء المثير للاهتمام، هو شعوري دوماً بأني لست صغيرة !، أعني طالما كنت صريحة في ذكر العمر وبأن العمر لن يتوقف، وبأني منذ العشرين وأنا لم أعد صغيرة، بل ربما قبل ذلك وأنا أشعر بعمري يتقدم وبأني لابد أن أكون كبيرة، ولا أدري إن كان ذلك نضجاً، أو استعجالاً؟!...
وللثلاثينات سلام، حين كانت المسؤوليات تنير جرس العمر، فكنت أركض في مجالات الحياة، ممنّية نفسي بأن الأربعين هي محطة الراحة ..
وها هو الأربعون، وقد داهمني وأنا مازلت راكضة، ولم أبلغ بعد محطة الراحة، ومازلت أحلم، ومازلت أطمح، ومازال شعوري ينبض، وعقلي يفكر، وكلّي يتحرك في كل اتجاه ...
فلربما باركت عمر الأربعين، ولربما فزعت من عمر الأربعين، لكن هناك شعور مختبئ داخل طيّات الأربعين، يخبرني أن الروح لا زمن يجعله يهرم، وأنها تتجدد وتصغر وتكون أجمل، حين نهتم بها..
ولذا كان القرار، القرار الأهم في عمر الأربعين، هو الاهتمام بالروح، وأي روح، روح الشباب في عمر الأربعين.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.