أحلام الزهراني
يقول أحمد شوقي في شعر ألقاه في مسرحية مجنون ليلى (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) نكرِّر تلك العبارة منذ طفولتنا وحتى الآن ولكننا أكثر ما يفسد القضايا سوء نقاشنا، حيث أصبحنا نرى في المجالس نقاشات حادة تنتهي بالصراخ والهروب إلى مكان آخر ونقاشات أخرى تدل على أننا في ساحة حرب والغالب هو من يتفق الجميع على رأيه كي يرضي غروره، ونقاشات أخرى تدل على أنها منافسة مع الآخرين في إثبات صحة الآراء والأهم من ستكون درجة الصوت لديه أعلى، ونقاشات أخرى تنتهي ربما بالتعارك بالأيادي، كل ذلك من أجل رأي قد يختلف البعض وقد يتفقون عليه، ولكن ماذا ينقص تلك النقاشات؟!
إن الحوار مهارة نادراً ما نجد من يتصف بها أو يسعى لاكتسابها، فمهارة الحوار هي التحدث بين شخصين أو أكثر حول مشكلة ما أو قضية رأي عام أو موضوع معيَّن ويتوجَّب عند ممارسته التحلِّي بآدابه والتي يتضمن الإنصات؛ فالإنصات خطوة مهمة للاستماع لما يقوله الآخرون، فكلما أنصت الفرد للمتحدث زاد فهمه للمشكلة بصورة واضحة ودقيقة مما ينعكس على إبداء رأيه حين يبدأ العقل بتوليد الأفكار ووضع العديد من الآراء والحلول المناسبة واختيار الأفضل منها حول تلك المشكلة ومناقشتها مع الآخرين بطريقة تجذب من حولك للإنصات إليك أيضاً وتجعل الآخرين محبين للحديث معك ومناقشة أمور أخرى بكل أريحية وسهولة ويرجع ذلك لأولى خطوات مهارة الحوار وهي الإنصات، ومن آداب الحوار أيضاً الاختلاف والاتفاق في الرأي، فأظهر اختلافك للرأي مع بيان السبب دون اللجوء للغضب والصراخ، وأيضاً أظهر الاتفاق في الرأي مع الاستدلال بأحاديث نبوية أو مواقف حياتية وغيره، كل ذلك يخلق التفاعل في الحوار ويجعله ممتعاً ومشوِّقاً مما يخلق أشخاصاً لديهم أسمى مهارات التطور الذاتي ينشرون تلك المهارة لتطوير مجتمعهم.
وأخيرًا.. إن الاختلاف في الرأي مع الآخرين لا يعني أنهم أقل أو أعلى مستوى تعليمياً وغيره ولا يعني أنهم لا يفقهون في الحياة شيئاً فلا داعي للإنقاص من قدرات وإمكانيات الآخرين، بل يجب تقبل آراء الآخرين بصدر رحب وترسيخ مهارة الحوار لدى أفراد المجتمع فكن مخالفاً للرأي بأدب وكن متفقاً للرأي بأدب.فالناس متفاوتون في قدراتهم وإمكانياتهم ولا يحق الإنقاص منهم كائناً من كان.