فيصل خالد الخديدي
يسعى الفنان عادة لخلق الفرص التي تبرز موهبته، وتخدم منجزه، وتظهر أعماله على أوسع نطاق، ولأكبر شريحة من المتلقين، ولعموم الجمهور؛ وهو ما يجعل مضمار المنافسة وإثبات الذات يمتد لمسافات طويلة.. ومع طول الطريق، وبُعد المسافات، يظهر العديد من قطّاع الطرق وباعة الوهم وتجار الشنطة الذين يستغلون الأهداف النبيلة للمبتدئين وأشباه الموهوبين، وحتى بعض الفنانين المتمكنين، بإغرائهم بالوصول السريع، والمجد والشهرة، وسرعة الانتشار ولو كان بمنجز غير ناضج، وأعمال لا ترقى للعرض المدرسي، فضلاً عن تمثيل الوطن في محافل يدّعون أنها دولية، ومعارض يوهمون ويتوهمون أنها عالمية.
تتنوع أساليب الدجل والاصطياد باسم الفن، ويحرص صناع الوهم وأمجاد الكذب على تغيير آلياتهم وأسماء فعالياتهم؛ فبعد أن كانت الورش والملتقيات الفنية السياحية مدفوعة الثمن بمبالغ باهظة هي أكبر مصائدهم, ها هي تظهر مسابقات بلا مبادئ ولا آليات، ولا حتى اعتراف رسمي من أي جهة ذات اعتبار معترف بها، ولكنها بأسماء رنانة، مثل: أفضل فنان أو فنانة عربية عالميًّا, وأوسكار الفن... وما إلى ذلك من أسماء مغرية بتسويق رخيص، يعتمد على حجم الدفع، واستنزاف المبالغ من المشاركين دون آليات فنية صحيحة، ولا توثيق واعتراف بالمسابقة، وحتى إن كانت جهات تنظيمها تنطلق من دول أوروبية أو أمريكية إلا أن من يقف وراءها مجموعة مرتزقة، وتجار باسم الفن. ومن الآليات الجديدة في استنزاف الفنانين ما يعلَن في مواقع التواصل التي أصبحت مسرحًا لكثير من عمليات النصب للفنان المبتدئ, مثل ما أُعلِن مؤخرًا من دفع مبلغ وقدره لعرض أعمالك في متحف لمدة خمسة أشهر، أو انتسابك لجاليري وهمي بعروض تستنزف المال مقابل الوهم والكذب والدجل.. وفي الأخير يجد الفنان أعماله تعرض في أماكن مشبوهة، لا تمت للمتاحف ولا دور العرض المحترمة بصلة.
إن استهداف فئة الشباب من الفنانين والفنانات السعوديين بهذه العروض الواهمة والمسابقات الكاذبة أمر مزعج، وبدأ في الانتشار؛ وهو ما يحتم التنبيه عليه، وأخذ الإجراءات الحكومية ضد من يتاجر باسم الوطن في مثل هذه المشاركات المشبوهة التي لا هدف لها إلا المال واستنزاف التشكيلي السعودي الذي يرونه مكسبًا وهدفًا لمثل هذه المشاركات الاستهلاكية المسيئة.