د. محمد بن إبراهيم الملحم
نشرت الصحافة مؤخرا عن مطالبة مجلس الشورى لوزارة التعليم مطالبات متعددة كان أبرز ما لفت انتباهي منها إعادة النظر في استراتيجية إصلاح التعليم وضرورة تقديم تقرير دوري مفصل عن حالة التعليم وفق مؤشرات أداء، وكذلك تقديم دراسة علمية تفصيلية للقيمة المضافة التي قدمتها شركة تطوير التعليم القابضة والشركات التابعة لها للتعليم منذ تأسيسها، وقد دفعني ذلك إلى التساؤل ما هي الجوانب التي يرى المجلس ضرورة إعادة النظر فيها من استراتيجية إصلاح التعليم! فقلت لعلي أجد هذه التفاصيل في الموقع الرسمي للمجلس فتصفحته ولكن لم أعثر على شيء، وهنا أعتقد أن المجلس نفسه مطالب بتقديم رؤيته المتخصصة في هذا المجال ليفيد منها المراقبون ويكون هناك نوع من المقارنة العادلة بين منتج الوزارة متمثلا في استراتيجيتها وما يقدمه المجلس من تقارير نقدية أو إثرائية أو حتى مقترحات جديدة ندرك منها إلى أي مدى كانت وزارتنا للتعليم متجهة إلى الهدف الاستراتيجي بشكل متناغم مع ما يراه مفكرون مستقلون عنها أم لا.
حاولت أن أقرأ أفكار المجلس وأستحث الفكر حول ما يمكن أن يكون من نقص في وثيقة استراتيجية إصلاح التعليم دعا المجلس إلى هذه التوصية فذهبت إلى الموقع الرسمي لوزارة التعليم لأفحص بنود الوثيقة والتي سبق أن قرأتها عندما صدرت ووجدتها عموما طموحات جيدة ووجدتها شاملة بدرجة كافية لتحقيق إضافة نوعية للوطن إذا تحققت فعلا، ولكن التحدي الأكبر أن هذه الطموحات عالية بالنسبة لأداء الجهزة التعليمية الحالية بما فيها من علل ومشكلات وقصور والتي كلها تنتمي إلى الجانب الإداري ويأتي التعليمي تبعا له. عندما راجعت استراتيجية الإصلاح هذه لم أتمكن من العثور على مؤشرات أداء ولا مرجعية مقارنة لنتمكن من معرفة أين نحن اليوم، لقد أطلقت رؤية 2030 في أبريل 2016 واقترحت هذه الاستراتيجية التعليمية بعد ذلك وقد اطلعت في الموقع الرسمي على آخر تحديث لها مؤرخا قبل سنتين تقريبا، وهذا يعني أنه لا مناص من وجود نتائج ما بدرجة ما، ولكن أين المؤشرات؟ حاولت أن أستشف من الأنفوجرافيك المنشور في موقع الوزارة لعرض الاستراتيجية شيئا يعبر عن مؤشرات قياس فلم أجد سوى رقم واحد فقط هو ارتفاع مشاركة القطاع الخاص من 14% إلى 28% (ترى هل ارتفع فعلا؟) لا يوجد وثيقة مفصلة تشرح الوثيقة ولا يوجد جداول لمؤشرات قياسKPIs ولا يوجد أي ذكر لخطة تقييم لهذه الاستراتيجية ولا توجد حتى أخبار عن تصريحات لمسئولين تحدثوا عما حقق حتى اليوم وبعد مرور قرابة سنتين على هذه الوثيقة (أو الإنفوجرافيك!) مجلس الشورى يطالب بإعادة النظر وهو لم يقدم وجهة نظر، ووزارة التعليم بنت استراتيجية ولم تقدم تقارير عنها، ومجلس الشورى يطالب أيضا بمؤشرات أداء عن حالة التعليم، ولم يذكر عن أية حالة وما هي معاييره للحكم على التعليم (إداريا، ماليا، تعليميا)، ولا أدري كيف سيتم تقييم التعليم لدينا؟ كل ما لدينا اليوم «عموميات» وكل ما بيدنا هو وعود، وتبقى العبرة بالنتيجة الملموسة في الطالب نفسه: المنتج النهائي للعملية التعليمية وهنا لا يكون الحديث عن الطلاب المتميزين الذين يمثلون المملكة في المحافل الدولية ولا من يتدربون على اختبارات تيمس TIMSS ولكن عن المتوسط العام للطلاب من أوسط الرياض إلى أقصى قرية على الحدود: ما هي قدراتهم ومهاراتهم في المناطق المعرفية الأساسية: الفهم القرائي، المنطق، القيم الأخلاقية والوطنية.. وكذلك في المناطق المعرفية البنائية: المهارات الإلكترونية الأساسة، مهارات الحياة والتعايش، العلوم والرياضيات.
وحيث أن مجلس الشورى تساءل عن القيمة المضافة لشركة تطوير التعليم القابضة وشركاتها التابعة لها فربما تتمكن هذه من إجابتنا على بعض هذه التساؤلات أو حتى كيف يمكن الوصول إليها.