د.عبدالعزيز الجار الله
الحديث عن شمال البحر الأحمر هو الحديث عن السياسة والتاريخ والاستثمار والاقتصاد والسياحة، والربط اجتماعياً مع دول كانت البحار والممرات المائية تشكل العزلة الحضارية، أبناء الصحراء الذين تغلب على أراضيهم اليابسة والتصحر لا يرون في الجوار أو الممرات سوى اليابسة الجوار والممر، لذلك ترى حدودنا كنت مفتوحة مع:
- الكويت والعراق والأردن ومصر قبل حفر قناة السويس 1860م شمالاً للتجارة والرعي وهجرات القبائل والنزوح نظر لقرب الحواضر والمدن من هامش الحدود.
- اليمن وعمان رغم أنها واقعة بين تكوين الرمال في الجنوب الشرقي، وتكوين الجبال الشاهقة في الجنوب الغربي إلا أن ماليتهما دروب ومسالك.
- الإمارات وقطر في الشرق تميزت بسهولة الأرض وانفراشها وانبساطها فكلها معابر.
لدينا أرث تاريخي مع ركنين هما أطراف الجزيرة العربية الشمالية، فهي مصدر المخاوف والحروب والغزاة.. كان الغزاة يأتون من مبررات لا نفهمها وغير مبررة لنهب خيرات وطننا، وكانت الموارد شحيحة وهي على النحو التالي:
- الركن الشمالي الشرقي للجزيرة العربية كانت الدولة العثمانية تعتبره بوابة شمال الخليج وحولت العراق شرطياً للخليج العربي عبر ولاية البصرة وبغداد، واتبعت هذا النهج البحرية البرتغالية ودول الاستعمار الغربي، كما شكلت تلك الدول ضغطاً على مدن داخل الجزيرة العربية.
الركن الشمالي الغربي شمالي البحر الأحمر، حولته الدولة العثمانية إلى ممرٍ لجيوشها للسيطرة على المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، عبر سلطاتها بالقاهرة وجيوش الشمال الإفريقي، ونهجت دول الاستعمار الغربي سلوك الدولة العثمانية من محاولة السيطرة على ممرات البحر الأحمر وصحراء سيناء قبل وبعد إنشاء قناة السويس، فكانت الضغوطات الاستعمارية الأوروبية تأتي من الشام ومصر والشمال الإفريقي.
أما أركان الجنوب الشرقي والغربي فكانت هادئة قياساً بالشمال رغم التأثير العثماني والبرتغالي والأوروبي، لذا ننظر اليوم إلى شمال البحر الأحمر الذي حرمنا من استثماره زمن الدولة العثمانية والبرتغالية والاستعمار الأوروبي أنه نجاح لتاريخنا الحديث والمعاصر ولهذا الجيل وانتصار حضاري لاستثمار المواقع التي تربطنا بدول الشام والشمال الإفريقي عبر البحر واليابسة، وتربطنا بالبحر الأبيض المتوسط ودوله، وأوروبا ودولها (العميقة) وتجارة المحيط الأطلسي.