هدى بنت فهد المعجل
الفساد في معناه هو ضد الصلاح، حيث إن المفهوم العام للفساد أنه اللهو واللعب وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق، مما يجعل تلك التعابير المتعددة عن مفهوم الفساد، توجه المصطلح نحو إفراز معنى يناقض المدلول السلبي للفساد، فهو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد.
في معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد هو «انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة». وقد يعنى الفساد: التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحي السلبية في الحياة.
ويصبح الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة المثالية إلى حالة دون الحالة المثالية. والتغير للأسوأ. وهو هنا ضد الإحسان وضد التحول أو التغير إلى الحالة المثالية.
وفي المجتمعات هناك فاسد صغير وفاسد كبير. ولا شك أن مستوى تأثير الفاسد الصغير على الوسط من حوله أقل بكثير من أثر الفاسد الكبير، لكن لا يمنع من أن الفاسد الصغير يترك أثرًا على بيئته والمحيطين به، خصوصاً عندما يكون أعداد الفاسدين الصغار كبيرًا جداً يتمددون تمدد خلايا سرطانية. أو حين يتربى جيل على آباء فاسدين ثم يتربى جيل آخر على آباء فاسدين ينتج عنها قيم جديدة خطرة جدًا على المجتمعات نتيجة تراكم الفساد في الوجدان الإنساني عبر الأجيال. تراكم يستدعى إفراد علوم أخرى بجانب العلوم الحالية. علوم مثل «علم نفس الفساد والمفسدين» أسوة بعلم نفس الجريمة والمجرمين. كما ونحتاج «دراسات الفساد المقارن»، وقد قرأت أنه منذ بداية التسعينات، ومع التحولات الحادثة في الدول النامية وشبه الحديثة، ظهر في دراسات السياسة علم فرعي كامل اسمه «دراسات الفساد المقارن» يسعى هذا الفرع إلى فهم ظاهرة الفساد في البيئات السياسية والثقافية المختلفة ومقارنتها، كما يسعى من أجل استخدام المفاهيم السائدة في علم السياسة والاجتماع، لفهم انتشار الفساد واستمراره، وتحديد أدوات لقياس الفساد، وطرح تصورات لعلاج الظاهرة التي تنخر في الجسد السياسي والاقتصادي، في كثير من دول العالم الثالث خصوصاً.
هل سنسمع قريباً في جامعاتنا وجامعات الوطن العربي دراسات مثل هذه الدراسات وغيرها تُسهم أو تشارك في محاربة الفساد بطريقة أو بأخرى، وقد حاربها سمو ولي العهد محمد بن سلمان، عندما أعلنت السلطات السعودية مؤخراً أن اللجنة العليا لقضايا الفساد العام برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استعادت مبالغ قُدّرت بـ400 مليار ريال، متمثلة في نقد، وعقارات، وشركات، وأوراق مالية، وغير ذلك. وبلغة الأرقام فإن السعودية استرجعت ما يعادل 10 أضعاف عجز الميزانية العام الماضي، وقيمة بيع مليار و800 مليون برميل من النفط، وما يوازي إيراداتها من تصدير النفط لعام كامل، وما يقارب 12 ضعفاً للأرباح السنوية الصافية للشركات المحلية؛ بحسب تقديرات «وزارة الخارجية السعودية».