فهد بن جليد
الهموم الإبداعية واحدة ومُشتركة بين كافة البشر وإن اختلفت ثقافاتهم، فالكوادر الإبداعية إن لم تجد البيئة الحاضنة لها لن تُثمر، لذا لم أكن مُستغرباً من الشغف الكبير الذي حمله كل المُبدعين من حضور أول ملتقى للإبداع الثقافي احتضنته المملكة خلال اليومين الماضيين، ونجحت من خلاله الهيئة العامة للثقافة تقديم وإتاحة منصة إبداعية جديدة تقام للمرة الأولى في المملكة، اجتمع فيها المبدعون من كافة دول الخليج العربي بمُختلف تخصصاتهم بمُبدعين مُشابهين لهم من المملكة المُتحدة في تجربة فريدة، هذه الشراكة الإبداعية بين الهيئة والمجلس الثقافي البريطاني كانت بمثابة المرآة التي عكست قدراتنا وطاقاتنا الإبداعية السعودية والخليجية، وكيف يمكن الاستفادة منها بخلق شراكات مع الآخرين والاستفادة من تجاربهم الإبداعية المُختلفة في كافة المجالات.
الإبداع لا جنس ولا جنسية له، فالمُبدع الخلاَّق يترك أثراً طيباً في كل مُجتمع يحتضنه، تجارب الآخرين وقصصهم كانت مُلهمة لكل الحضور للحاق بمنصة العقول الإبداعية من خلال الحوارات الجانبية وحضور الجلسات الماراثونية التي تعاقب على تقديمها نخبة من المُختصين وأصحاب التجارب الإبداعية الخليجية والبريطانية الناجحة، والتي كانت بمثابة دورات مجانية لكيفية حل المُشكلات وتنمية المهارات الإبداعية وخلق الفُرص واكتشاف الطاقات وتوظيفها بالشكل الصحيح والمُناسب، لاستكشاف عالم من الفرص الوظيفية والتجارية والفنية الإبداعية، والتبادل المعرفي بين الثقافتين الخليجية والبريطانية.
يُمكننا أن نتعلم من بعضنا البعض الكثير من الأفكار الإبداعية المُلهمة، التي يمكن أن نتشاركها ونتبادلها بيننا مهما اختلفت ثقافاتنا، فرسالة المُبدعين واحدة رغم تنوع أساليبهم تبعاً لثقافة كل مُجتمع، الأهم دائماً أن نبقى مؤمنين بقدراتنا الإبداعية المحلية والوطنية وأثرها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وأن نُلهم ذواتنا بتعزيز قيمنا الاجتماعية والاعتزاز بهوياتنا العربية، فنحن نملك إرثاً وتاريخاً كبيراً سيبقى خير داعم لنا للقفز نحو المُستقبل بصناعات إبداعية حقيقية، نستفيد خلالها من تجارب ونجاحات الآخرين، والتي يمكن أن تصنع الفارق عندما تتشابه الهموم وتزداد تطلعات الموهوبين لخلق وسلك مسارات إبداعية أكبر، كل الشكر لهيئة الثقافة التي جلبت كل هذه الخبرات الإبداعية الدولية من الخليج وبريطانيا في مكان واحد، ليُشكِّلوا فرصة حقيقية للحوار والنقاش على أرض المملكة أرض الإبداع والإلهام، وهو ما سيترك حتماً «أثراً إيجابياً» في تنمية القطاع الإبداعي لدينا في كافة المجالات.
وعلى دروب الخير نلتقي.