إبراهيم عبدالله العمار
معروف أن العضلات التي تُغلق فم التمساح قوتها هائلة. أما ما لا يعرفه أكثر الناس فهو أن هذه القوة تماثل قوة شاحنة تسقط أسفل هاوية! قوة خرافية. حتى إن قوة عضة تمساح المياه المالحة تقارب في قوتها عضة ديناصور التيراناصور الشهير! أما الذي لا يخطر على البال فهو أن العكس صحيح: العضلات التي تفتح فم التمساح ضعيفة، لدرجة أن التماسيح التي تصل في طولها إلى مترين يستطيع رباط مطاطي أن يبقي أفواهها مغلقة، وبالنسبة لكثير من التماسيح تستطيع أن تمسك فكه بيد واحدة ولا يستطيع أن يفتحه!
لكن أعرف قدراتك، فلا يكفي هذا لأن تنقضَّ على أي تمساح وتمسك فكه بيدك، وقد رأيتُ مقطعاً لأمريكي كبير السن كان يلعب الغولف وتفاجأ بتمساح متوسط الحجم، ولعله تذكّر هذه المعلومة فاتجه واثقاً نحوه ولما حاول أن يمسك بفكه انتفض التمساح بعنف ولطمه بذيله القوي فسقط مشدوهاً أمام الوحش الذي كشر عن تلك الأنياب الضخمة، ولحسن حظه اكتفى التمساح بذلك ولم يقتله كما كان يمكن أن يفعل بسهولة!
وعندما تفكر في حقائق الحيوانات فستجد الكثير من التساؤلات، منها هذا الذي يطرأ في عقلك إذا كنت عند نار أو مصباح وقت الليل: لماذا ينجذب الفراش للنار؟ الحقيقة أنها لا تنجذب للنار وإنما نور النار يشتتها. لأحقاب طويلة تعودت الفراشة أن تعتمد على نور الشمس والقمر لتعرف طريقها وتمشي في طريق مستقيم، هذا لأنها من الحشرات التي تُصنّف ضمن الكائنات المنجذبة المتفاعلة مع الضوء، عكس كائنات أخرى تتجنب الضوء وتعشق الجحور المظلمة، ولهذا تعودَت الفراشة أن الضوء بعيد عنها لأن الطبيعة ليس فيها أنوار ما عدا حرائق الغابات القليلة، وتعوّدت أيضاً على كون الضوء يتغير مكانه في أوقات مختلفة في اليوم بحيث يقع على منطقة معينة في عينها فتقوم بتغيير اتجاهها بناءً على هذه المعلومات، وهذا ما يحير الفراش عندما تأتي حول النار، فهي تعرف أن الضوء (كضوء القمر) لا يفترض أن تصل إليه الفراشة وإنما هو مجرد دليل بعيد، أما الآن فقد وصلت لمصدر النور وهو شيء لم تضعه في الحسبان! وبما أنها تعودت على تغيير اتجاهها بحيث تطير في خط مستقيم فإنها الآن تعلو مصدر النور مباشرة، فيبدأ التشويش وتقوم باستمرار بتغيير خط اتجاهها، وهذا ما يجعلها تدور في دوامة لا تنتهي حول النار، فهي ضائعة محتارة!