د. صالح بكر الطيار
تقوم الجماعات المسلحة والميليشيات دائما على أنقاض أي انهيار في أمن الدول وتتحين أي فرصة للدخول من ثغرات الاضطراب لتنفيذ أجنداتها الخاصة وتحقيق مآربها وأهدافها وفي ظل الاضطراب السياسي والأمني الذي شهدته وتشهده بعض الدول والحكومات في الشرق الأوسط والعالم العربي وفي دول أوروبا وغيرها فإن المشهد قد أتاح الفرصة الكاملة للجماعات المنظمة والمسلحة والمنظمات الإرهابية لترتيب صفوفهم على حساب فوضى الشعوب في استغلال واضح لأي انهيار سياسي أو فوضى شعبية مما يجعلهم يعدون العدة لتنفيذ أهدافهم ومطامحهم وأيضًا جلب العديد من الفارين من لهيب الاضطراب إلى صفوفهم وأيضًا القيام بأعمالهم الفوضوية في مسرح مفتوح من عدم الاستقرار في وقت تغيب فيه الرقابة الحكومية من الدولة ذاتها وسط تهاون أممي أيضًا لما يحدث في نسيج تلك الدول من اضطرابات وفتن وفوضى ودخول جماعات مسلحة لتنفيذ أهدافها وسط الشعوب المدمرة.
الأمر يتجاوز ذلك إلى ما هو أشنع فالمنظمات المسلحة والمحظورة تلجأ إلى متابعة الدول التي تشهد الفوضى وتقوم على تجنيد عناصرها هنالك والقيام أيضًا بعمليات السطو والسرقة والسلب والنهب في استغلال واضح لكل سلبيات الانهيار السياسي والفوضى الحكومية وسط ضعف في المقاومة التي تتحول غالبا إلى استسلام في مثل هذه الظروف خصوصًا إذا انهارت القوة العسكرية للبلد أو اختلط الحابل بالنابل في إدارة أمن البلاد.
في العراق ومنذ أعوام عديدة وجدت الميلشيات المسلحة التي كانت تدعمها إيران المدن العراقية المضطربة بيئة خصبة لتحقيق المصالح حتى تم إعادة الأمن ومن ثم تمت السيطرة على جماعة داعش وغيرها من عشرات الفروع المسلحة للجماعة التي تعمل لصالحها فما أن أحكمت السيطرة حتى تهاوت هذه الجماعة مما يدل على ارتباطها بالفوضى وما يحدث في سوريا ولا يزال جزءًا من منظومة الخطط الخفية لأنظمة الميليشيات التي تستغل مواطن الفوضى لنشر سمومها في أرجاء المدن وبين البشر لاهثة وراء فوضى متجددة وتحقيق مصالح السيطرة على المدن والحصول على ثرواتها. وفي اليمن يتجدد المشهد فيما تقوم به الميليشيات الحوثية التي شرعت في نهب مصالح البلاد منذ أيام الفوضى التي شهدتها اليمن وانعكست على اقتصادها وأمنها مما اضطر الحوثيين إلى استغلال الفرصة والقيام بحرب شوارع واستغلال موارد الدولة ونهبها وسط دعم إيراني مخطط لها لتحقيق السيطرة الحوثية التي فشلت ولا تزال وماضية إلى الخسارة الأخيرة والاستسلام والهزيمة.
يجب أن تعيد الحكومات حساباتها في دول الاضطراب وأن يكون هنالك تخطيط سياسي وإستراتيجي لمواجهة المنظمات والجماعات المارقة التي تستغل أي فوضى وتقوم بشكل دائم على التخطيط لتنفيذ مآربها الدنيئة التي تستهدف أمن الشعوب ومصالحهم ومواردهم وأن تكون هنالك حرب استباقية على الجماعات حتى وإن كانت قليلة أو متخفية فوراءها خلايا دولية تدعمها وتنتظر أي فرصة لنشر الفوضى أو استغلالها لتحقيق مآرب الجماعات المارقة والخارجة عن القانون.