رجاء العتيبي
الإشارة إلى أن السعوديين يعملون، تعني أننا تركنا (المناكفات) التي كانت تجري بين تيارات فكرية على وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والتي لم تزدنا إلا (حُنقا) على بعض، تركها كثيراً من نجوم (الصراعات) الفكرية التي استمرت لسنوات لم نجنِ منها سوى تعطل العمل والإنجاز والمنافسة.
سنوات انقضت وذهبت إلى غير رجعة يوم ذاك (المنتفخ الأوداج) يقول: «نحن الأكثرية» وأنتم «الأقلية» في صراع فكري نقلته إحدى المحطات الفضائية وسط متابعة وحماس ولهاث من الأتباع لكلا الطرفين، صراع حول من يوجه الناس أولئك أو أولئك ما جعل الكثير من المهتمين يتابعون الأحداث (عاطفيا) ينقلون الصراع معهم إلى مجالسهم وأماكن العمل.
صوت العقل كان غائبا في خضم الصراعات تطرف هنا وتطرف هناك ما جعل مسرحية (وسطي بلا وسطية) التي أنتجتها جامعة اليمامة (2006) تخرج للعلن وتطرح السؤال المعجز: أين الناس الوسط؟ لماذا لا يكون لهم صوت؟ فعليا هم الأكثرية ولكن لم هي صامتة؟ مسرحية لم تسلم من عاصوف الصراع لقيت ما لقيت وبقيت شاهدا على تاريخ في أرشيف اليوتيوب.
أتت الرؤية السعودية 2030 في الوقت المناسب وأوقفت ما تبقى من صراع حتى إعلانها، قالت: ليكون عندنا هدف، لنعمل، لننافس، لنؤثر، أكدت أن الاقتصاد هو المحرك الفعلي للمجتمعات، إنه القوة الفعلية للدول، بالاقتصاد يمكن أن تنافس، ويمكن أن تحارب ويمكن أن تصل للرفاه الاجتماعي، إنه لعبة الحرب والسلام.
هناك بقية باقية من بعض الجماعات الأيدلوجية كانت مستمرة في الصراعات الفكرية: إقصاء، اتهامات، تشويه، لا تفقه معنى الحياة ولا الاقتصاد ولا السياسة، ولولا لطف الله ثم القيادة الحكيمة: الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير/ محمد بن سلمان ورجال الدولة المخلصين لجرفتنا رياح الأصوات النشاز، ولكنها الحكمة وشيء من الحزم والعزم تداركت الدولة الموقف وقادت سفينة الوطن إلى بر الأمان بتكاتف الشعب الذي قدم كل ما يملك ليبقى الوطن فوق كل اعتبار.
السعوديون الآن تفرغوا للعمل، في كل مكان ترى الجميع يسابق قرص الشمس صباحا ليبدأ العمل، لم يعد هناك (أتباع) لذاك أو هاذاك، الكل تبع للوطن، شاهدناهم جنودا في كل الجبهات: اقتصاد، سياسة، عسكرية، إعلام، صناعة، رياضة، ثقافة، ترفيه... إلخ.
اختفى المتطرفون وظهر الناس الوسط، التعاليم الدينية الوسط، الحياة الطبيعية الوسط، هكذا ينبغي أن نكون، في وقت كان صوت التطرف هو السائد، ولكنها العناية الإلهية التي جعلتنا (طبيعيين) مثلنا مثل سائر البشر، لا إفراط ولا تفريط، لا ضرر ولا ضرار، حياة ملؤها الحب والسلام والتآخي.
في كل منطقة من مناطقنا منجز اقتصادي ينقلنا نحو التنافسية بهمة سعودية تضاهي جبل طويق، ألسنا ضمن قمة مجموعة الـ20 % ألا يدعو ذلك لأن يخجل على نفسه كل من يدعو إلى شتات وفرقة وخيانة؟!!