أحمد المغلوث
وأخيراً أثبت لبنان الشقيق للعالم أنه قادر على تجاوز التحديات الداخلية والخارجية وعلى الأخص العناصر التي تخدم مصالح النظامين الإيراني والسوري. نجاح لبنان في تأليف مجلس وزراءه.. هذا التأليف الذي استمر طويلاً وكان أشبه بحالة ولادة متعسرة.. لكن لبنان الأرز الشامخ استطاع أن يزيح عن كاهله هم هذه الولادة التي شبهها البعض بالولادة المستعصية وحتى المؤلمة، ومع هذا نجح لبنان.. وفاز اللبنانيون باختيار الطريق الصحيح الذي يقود للفعل والعمل وتجاوز الإحباطات.
فلقد اختار لبنان التعددية والديمقراطية، فلا عجب.. فلبنان ومنذ الاستقلال كان يتسم بخاصية الاختلافات والتناقضات وحتى الأزمات التي كانت تطيح بين فترة وأخرى بحكومته. واليوم والعالم يتابع لبنان والحدث الأهم كيف تعمل هذه الحكومة وأمامها أكداس من الملفات المعلقة، والتي تهتم بالشأن اللبناني الداخلي؛ خصوصاً الوضع الاقتصادي الذي تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة رغم ما يحصل عليه من دعم عربي وأجنبي.. والأوضاع السياسية وما أكثر ملفاتها.
والمراقب لما يحدث في لبنان هذه الأيام يشعر بتفاؤل كبير في أن هذا التشكيل الوزاري الجديد سوف يحقق ما يطمح ويتطلع إليه كل لبناني وكل من يحب لبنان.. وشعب لبنان يتمنى له كل الخير، وأن يستمر نجاحه في مختلف المجالات متجاوزاً كل العقبات والمعوقات التي أوجدتها الأوضاع والصراعات الخفية على الحصول على المزيد من «الحصص» والمزايا في إدارة دفة الدولة.
والعالم الذي أسعده ما حدث في لبنان من نجاح في تشكيل مجلس الوزراء، والذي يعد هزيمة لأعداء لبنان، الذين يعرفون أنفسهم، بل ويكشفون دائماً عن أوراقهم، ووجودهم في الأرض اللبنانية.. هؤلاء الذين كانوا ومنذ عقود يحلمون بأن يجعلوا من لبنان أحد الأجنحة التابعة لهم.. لقد أحسن اللبنانيون صنعاً بتجاوزهم أزماتهم واتحادهم مع بعض في مواجهة من يريد تحويل الأرض اللبنانية إلى ساحات تعج بالكراهية.
واليوم لبنان في هذا العهد يحمل رسالة لشعبه: كفى.. وعوناً نعمل للمستقبل.. مستقبل لبنان وأجياله ومن يعيش في ربوعه. واضعاً في اعتباره مبادئ الديمقراطية والتعايش وعدم تهميش الآخر، أو أقصاء البعض من أجل أهداف بغيضة وغير مقبولة في وطن الأرز والمحبة.
واليوم ولبنان يتنفس بحرية وعمق، وهو يعيش ويشارك الجميع في حكومة وحدة وطنية.. وحكومة تأخذ بيده إلى آفاق رحبة من العمل والتنمية المستدامة. وشعب محب يتجمع في الدفاع عنه في مواجهة من يريد تحويله إلى ساحات صراع وحقد. نجاح لبنان اليوم يستحق منا كعرب أشقاء للبنان.. أن نقدم له التهنئة من الأعماق وأن تسود دائماً ربوعه المحبة والألفة والوفاق.. كما كانت شعاراته أيام الاستقلال وما بعده.. نهنئ لبنان بمجتمعاته التعددية، من مسلمين ومسيحين.. حيث وكما هو معروف ومنذ القدم يتعايش الجميع الحياة المشتركة في تعاون وحتى مصاهرة.. مجسداً نموذجاً فريداً، يتمنى له الجميع أن تستمر نجاحاته بعد نجاحه الأخير.