فهد بن جليد
احتاج رجال الإنقاذ في إسبانيا لأسبوعين كاملين للوصول للطفل «خولين سوسيلو» الذي يبلغ من العمر سنتين بعدما سقط في بئر «ارتوازي» عميق طوله 100 متر وعرضه 25 سنتيمتراً، فقد ظل رجال الدفاع المدني يحفرون طول هذه المدة دون فائدة، رغم أنَّ «عمال المناجم» بما يملكونه من خبرات واسعة في هذا المجال شاركوهم في عمليات الإنقاذ، ولكن للأسف باتت كل تلك الجهود وأيام الانتظار بالفشل والحزن، عندما توصل الفريق إلى جثة الطفل بعد كل هذه المُدة والجهد.
هذه الحادثة وغيرها من الحوادث المُشابهة التي تقع في العالم، تحتاج لمُدد طويلة «أسابيع وأشهر» من عمليات البحث والإنقاذ حتى الوصول لضحايا الآبار الارتوازية المفتوحة، وهي تذكرنا بالحادثة السعودية الشهيرة في تبوك والتي راحت ضحيتها الطفلة «لمى الروقي» في مارس 2014م، عندما شكلت تلك التجربة الحديثة علينا في السعودية تحدياً في حينه لناحية طول مدة الإنقاذ وبطء عمليات الحفر، ولكن عند مُتابعة الحوادث المُشابهة والظروف المُحيطة بكل قصة حول العالم، نكتشف خطر ترك تلك الآبار المكشوفة والمهملة، والتي تتربص بحياة الناس وتتوعدهم في أماكن التنزه خارج المدن وفي مثل هذه الأيام بالمزيد من المآسي المُحزنة والظروف المُعقَّدة لعمليات الإنقاذ والبحث، لا يجب نسيان هذا الأمر خصوصاً مع تسجيل حوادث مُشابهة محلياً بين فترة وأخرى، راح ضحيتها أشخاص أبرياء بسبب جشَّع وطمع أصحاب تلك الآبار في تركها مُهملة ومكشوفة، وهو ما يتطلب تجديد حملات الإبلاغ عن المواقع المكشوفة للتخلص منها، وتحييد خطرها، وحماية أرواح الأبرياء خصوصاً في مثل هذه الأيام التي تعقب سقوط الأمطار.
وزارة البيئة والمياه والزراعة بدأت مشكورة مشروعها الطموح «بلاغك قد ينقذ أرواحاً وخيرات الأرض..» الذي يسعى لردم الآبار المهجورة بالتعاون مع الدفاع المدني أو الاستفادة منها بالشكل الصحيح عبر جهات أخرى لها علاقة بالأمر، مثل هذه المشاريع مرهونة عادة بمدى تعاون المواطنين والمُتنزهين في الإبلاغ عن إحداثيات ما يُصادفونه من آبار ودحول وتشققات أرضية، وهو ما يتطلب أن تطلق الوزارة «تطبيقاً إلكترونياً» مُخصَّصاً، أو تستفيد من بعض التطبيقات المُنتشرة لتضع لها نافذة، يتم من خلاله الإبلاغ عن الموقع بالصورة والإحداثية، بدلاً من العملية التقليدية في الإبلاغ بالهاتف أو عبر الموقع الإلكتروني أو زيارة أقرب فرع للوزارة، لتُصبح المعلومة أدق وأسرع وأوضح وأسهل، حتى نُسهِمَ جميعًاً في الحد من وقوع مثل هذه المآسي المُحزنة، كما يجب الوصول للمُتسبِّبين في ترك تلك المواقع مُهملة تُهدِّد حياة الناس لمُعاقبتهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.