د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
عنونت مقالتي هذه بالمثل المشهور الذي ينطبق على العديد من المؤسسات العامة. يعبر المثل وينطبق على مؤسسة كبيرة تقوم بخدمات عامة متعددة تمس المواطن بشكل مباشر وغير مباشر، تضم العدد الكبير من الموظفين الذين يعملون من خلال وظائف بأسماء مختلفة، ولتلكم المؤسسة طبيعة مركزية، مفرطة في التمركز. ومثلها أحدهم بقطار له صوت مرتفع إلا أنه يسير ببطء شديد، كالسلحفاة، فمتى عساه يصل لغايته؟!.. وأخيراً تصدر وزارة العدل الهيكل التنظيمي «الحديث» للوزارة، وهذا يعني أن الوزارة كانت تدار وفق هيكل تنظيمي «قديم».
والتنظيم الجديد أشارت إليه صحيفة «الجزيرة» بتاريخ 2 جمادى الأول 1440هـ. ومن شأن التنظيم الجديد أن يعزز وأن يحقق الأهداف الإستراتيجية للوزارة بكفاءة وفعالية. وتتولى وكالة التخطيط والتطوير إعداد الدليل التنظيمي والأدلة الإجرائية للوكالات والإدارات المشمولة فيه خلال أسبوعين من تاريخه، وأن يتم تشكيل لجنة تنفيذية تتولى متابعة تفعيل الهيكل وتطبيقه، وإدارة تحولاته واقتراح مصفوفة الصلاحيات.
كل هذه السنوات والوزارة تعمل في ظل لوائح قديمة، والآن وخلال أسبوعين، يطلب من وكالة التخطيط والتطوير تطبيق التنظيم الجديد. ولربما بقية المؤسسات تعاني من المشكلة نفسها، وتطبق أنظمة «قديمة»، «روتينية»، يلمسها المراجع عندما يراجع بعض المؤسسات، يستثنى من ذلك مصالح بدأت تطبيق التعامل مع الحاسوب وسهلت على الناس مراجعاتهم، وكأني بالبعض يحاول أن يحاكي القطاع الخاص الذي يهمه الربح وتوفير الوقت على المؤسسة والمراجعين، نعم نريد خصصة القطاع العام، أو بعبارة أخرى اتباع أسلوب فيه يقل الروتين أو ينعدم. القطاع العام يحتاج أن يوجه موظفيه إلى العمل في الميدان وليس داخل المكاتب، التي تتم فيها الدردشات وقراءة «الجرايد»، والانشغال بالهاتف المحمول، وتكثر فيها الاستئذانات، بأعذار متنوعة، توصيل الأبناء من وإلى المدارس، مراجعة المستشفيات وغيرها من الأعذار، وحتى مع نظام التبصيم يأتي الموظف في الصباح ثم يخرج ويعود في آخر الدوام ليبصم الانصراف، وهكذا. والمعاملات متراكمة ولا تتخذ بالنسبة لها إجراءات حسب تاريخ ورودها وقد توضع في الأدراج حتى يراجع صاحبها ثم يقال له الأسبوع القادم، والمعاملة بين يدي الموظف ويمكن أن ينهيها بجرة قلم، والموظف لا يرد على الهاتف، لابد أن يتصل عليه بالجوال إن وجد ولن يرد على المتصل إلا إذا تأكد منه، وإن رد وطلب المتصل منه أن يتحدث مع رئيسه اختلق عذراً، بل وأعذاراً: في اجتماع، غير موجود، وهكذا، أعطني هاتفك وسوف نتصل بك، ولا يأتي اتصال، وقد يكون ذلك المراجع موظفاً ترك عمله وجاء ليتابع موضوعه في إدارة أخرى.
كل ذلك: الروتين، عدم التنظيم، التسيب، يعمل على ضعف الإنتاجية ويشكل عائقاً للمسيرة التنموية التي يطمح لها ولاة الأمر، ولطالما أكدوا بإنجاز المعاملات وعدم تعطيل مصالح الناس، ولكن لا حياة لمن تنادي، يتطلب التحول كفاءة في الإنتاج وذلك يتطلب موظفاً يحب عمله ويبدع فيه، وهناك مقولة معروفة: «السعادة أن تحب ما تعمل لا أن تعمل ما تحب»، فمتى نستشعر ما تعنيه المقولة من مفهوم؟.. وهناك أمر آخر لا بد من أن ينتهي وذلك ما يتعلق بأسلوب التوظيف.. هنالك طريقتان: روتينية وتتطلب الاتصال بالرابط المركزي الموجود في وزارة الخدمة المدنية، ويطلب من الراغب في العمل أن يتصل بالرابط، وعليه أن ينتظر حتى يأتيه الربيع.. والطريقة الثانية: تتم ضمن المؤسسة المتقدم لها وتعرف بـ «الواسطة»؛ وعن طريقها يأتي الربيع لطالبه قبل أوانه، فلمَ لا يتبع طريقة سليمة عادلة تطبق على الجميع؟، لبراءة الذمة ولتسير الأمور وفق معايير وطرق سليمة، هذه سوف تنعكس بشكل إيجابي على مسيرة التنمية، والأخرى ستلقي بظلالها غير المرغوبة على المجتمع.