يوسف المحيميد
حين طوت صحيفة المستقبل اللبنانية آخر صفحاتها الورقية الخميس الماضي، بإصدار العدد الورقي الأخير فإنها تتجه نحو المستقبل الرقمي، وكما يرى رئيس تحريرها الذي يقول في إشارة إلى تويتر: «عشرون عاماً حولت جيلاً من القراء إلى مستهلكين يشعرون بأن 120 حرفاً كافية لجعلهم يعرفون»، مما يجعلني أتساءل هي خيبة الصحف اليومية من الصحافة الإلكترونية الجديدة كونها تعتمد على الخبر والسبق الصحفي؟.. ألا تستطيع أن تتجه إلى ما وراء الخبر، والتحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي؟.. أليست كل الحقول التي تبث أخباراً على مدار الدقيقة، تحتاج إلى قراءة ورصد وتحليل؟.. في اعتقادي أن الصحف التي تراهن على السبق الصحفي لبث خبر عاجل، عليها أن تفعل ذلك في موقعها الإلكتروني وحساباتها في التواصل الاجتماعي، أما الصحيفة اليومية الورقية، فهي قادرة على التميز من خلال الكتاب والمحللين، فهم من يمنحون هذه الصحيفة أو تلك، مكانة وتميزًا عن غيرها.
ومع ذلك، فقد اتفق مع موقف الصحيفة، ولكن ليس في فشلها في بث الخبر قبل غيرها، وإنما اختلاف الوسائل والعادات اليومية، بالذات في القراءة، حيث إن انصراف القارئ إلى الاطلاع والقراءة من خلال الشاشة الذكية جعله يفقد علاقته الحميمة بالصحيفة الورقية، وهذا هو الحاسم في الأمر، لأن معظمنا أصبح يقرأ الصحف والمقالات، وربما الكتب، من خلال هذه الشاشات، تلك التي تلازمنا ليل نهار، ففيها الصحيفة والكتاب والقناة الفضائية وغيرها، مما يجعل إنسان العصر الرقمي يستغني عن أدواته التقليدية في المعرفة، ومع ذلك، وحتى لو تحولت الصحف إلى إلكترونية، يبقى رهانها على الكُتَّاب والمحللين، فهم من يمنحها التفوق والتميز عن غيرها.
وحين يقول رئيس تحرير المستقبل بأن معركة المحررين اليومية تتمثل في إيجاد عنوان لا يشعر القارئ بأنه رآه في الليلة السابقة، على شاشة هاتفه الذكي، فهو يفكر بنشر الخبر الجديد، وكيفية صياغته، وابتكار عنوان جذاب، وربما مثير، له، ولم يفكر بما وراء الخبر، وهو الأهم بعد مضي دقائق على انتشاره في الإعلام الرقمي.