إبراهيم عبدالله العمار
في عام 2006م كانت طائرة أمريكية تسافر ومن ركابها ستة مسلمين، ورغم أنهم لم يفعلوا شيئًا إلا أن مظهرهم وكلامهم أثار خوف بعض الركاب، فأبلغوا طاقم الطائرة عن مخاوفهم والذين أبلغوا السلطات الأمنية بذلك(!)، فاعتُقِل المسلمون الستة ووُضعِت الأغلال في أيديهم لما هبطت الطائرة واصطحبوا للاستجواب، وبعد ساعات من المساءلة اتضحت براءتهم فأطلق سراحهم. ورغم أن المسلمين هم المظلومون هنا إلا أن هذا لم ينفع لدى الحاقدين، ذلك أن مقدّمًا إذاعيًا اسمه جيري كلاين قدّم برنامجه الإذاعي كالعادة لكن هذه المرة فعل شيئًا جديدًا: تكلّمَ عن تلك الحادثة وأيّدها. لكن لم يكن جادًا، وإنما كان يريد توضيح خطورة الحقد والتعصب لدى بعض الناس وسهولة استثارته لديهم، فما هو إلا قليل حتى أتت الاتصالات للبرنامج، فالبعض عارض كلاين وقال: إن المسلمين ليسوا كلهم عنيفين، ولكن شخصًا تكلّم وقال: إن كلاين محق! بعدها أتى اتصال وقال: إنه يؤيد كلاين وأن المسلمين يجب أن يُميَّزوا بأن يوشموا (قسرًا!) بعلامات على الذراع والجبين توضّح أنهم مسلمون، أو أن يلبسوا شارات على الأقل تبيّن هذا! وهناك من أوصى بأن يُطرَد المسلمون من الولايات المتحدة كلهم، ولعله أرحم بالمسلمين من متصل آخر اقترح أن يُجمَع المسلمون في سجون جماعية مثلما فعلت الولايات المتحدة بالأمريكان ذوي الأصل الياباني وقت الحرب العالمية الثانية، فرغم أنهم مواطنون إلا أن العيون الضيقة والجلد الأصفر كان كافيًا ليجعل الحكومة الأمريكية تعتقل هؤلاء الأبرياء وتودعهم السجون.
كان المقدّم كلاين يشمئزّ من هذه الاتصالات الحاقدة لكنه أكمل التجربة، وكان يسأل نفسه طيلة الوقت: متى نتوقف؟ أما لهذا الحقد من نهاية؟ ولما زادت الاتصالات السلبية أعلن حقيقة تلك الحلقة وهي أنها كانت تجربة لتوضيح مدى خطورة التعصب وأنه لم يكن جادًا في كلامه ضد المسلمين، وقال للمتعصبين: إنني مشمئز من أنكم صدّقتموني ووافقتموني، ومَن وافقني منكم ولو ثانية واحدة لهو شخص مريض، فكيف تظنون أني حقًا أريد وشم المسلمين في أذرعتهم وتمييز لباسهم وجوازاتهم برمز الهلال؟
أثارت التجربة ضجة كبيرة وأتت بعدها مكالمات وإيميلات من أنحاء العالم، والحقيقة أنها تجربة يُشكَر عليها جيري كلاين الذي كافح التعصب ضد الإسلام بطريقته الخاصة، ويؤسف أن الحقد على الإسلام في الولايات المتحدة وصل لتلك الدرجة، رغم أن الحادثة الأساسية كانت ظلمًا للمسلمين.