د.عبدالعزيز العمر
أتذكر من أيام الشباب وأيام العمل أن أحدهم ممن كان له شنة ورنة أيام النشاط الصحوي دخل مكتبي في موضوع يتعلق بقبول أحد أقاربه، ولما شعر بصعوبة تحقق طلبه لعدم توفر شروط القبول دخل علي من باب الوعظ والدين قائلاً: ألم تسمع يا أخي بالقول: «اشفعوا تؤجروا» ألم تسمع بالقول: «من نفّس عن مؤمن كربة...إلخ» فقلت له: إذا نفّسْت عنك كربة كما تقول فسوف أدخل حتماً طالباً مؤهلاً في كربة. الفكرة هنا هي أن بعضنا يحاول تلطيف أعماله السيئة بإسباغ صفات جميلة وخادعة. الفاسدون مثلاً لا يجدون إطلاقاً مشكلة في تبرير وتمرير فسادهم من خلال تغليف فسادهم بعبارات ظاهرها الحق وباطنها الباطل. كما أن هناك من وظف فضيلة الكرم كخصلة سامية لتبرير رذيلة التبذير التي يمارسها، وبالمثل وظف بعضهم الشجاعة كخصلة وفضيلة مطلوبة في بعض المواقف ليبرر اعتداءه على الناس. حتى المطبلون والمداحون وجدوا للأسف في تراثنا وفي بعض مقولاتنا الشائعة ما يبرر تطبيلهم. لا شيء أسوأ من أن يحاول الشخص تبرير أعماله الدنيئة، والأسوأ من ذلك أن يوظف الدين وبعض السائد اجتماعياً من قيمنا في تبرير سوء عمله. إن من أسوأ خصال المجتمع العربي عموماً أنه يمكن استخدام الكلمات الرنانة للتلاعب بعواطفه وتوجيه قراراته، لقد قالها (الفذ) عمر: لست بالخب ولا الخب يخدعني.