رقية سليمان الهويريني
جاء في بيان الديوان الملكي أن اللجنة العليا المشكَّلة لبحث ومتابعة قضايا الفساد العام أنهت أعمالها في قضايا استدعاء، شملت 381 شخصًا؛ وهو ما يعني قفل أكبر ملف لمتابعة الفساد المالي الذي تم فتحه عبر لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2017.
ومكافحة الفساد بأنواعه ومعانيه المختلفة هو من أساسيات قوة الدولة الاقتصادية والسياسية وبقائها واستمرارها.. ولعل عاصفة مكافحة الفساد التي بدأها ولي العهد بكلمة «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد، سواء كان أميرًا أو وزيرًا» كانت بداية، ولن تكون نهاية لمعالجة كثير من الظواهر السلبية الناخرة في جسد الوطن.
والفساد يشمل كل ما كُسب بوجه غير حق، سواء كان نهبًا للأراضي، أو توقيع عقود مناقصات أحيانًا تكون وهمية أو حقيقية، ولكنها دون المطلوب، كتنفيذ مشاريع متهالكة مقابل مليارات الريالات، مثل مشاريع مبانٍ حكومية أو طرق عامة أو شوارع أو أنفاق تغمرها المياه في الأمطار، ومثلها حدائق عامة.
العجيب أن هؤلاء الفاسدين قد عاشوا داخل مجتمعنا، ودرسوا المناهج الدراسية نفسها التي تحث على القيم الدينية والوطنية والأخلاقية والإنسانية، عدا البرامج التوعوية والثقافية، ولكنها لم تؤثر بهم أو تكون رادعًا وحصنًا منيعًا أمام شهوات النفس!
وليت الأمر يشمل الفساد الإداري الذي يمارسه بعض المتنفذين بإداراتهم، وكأنها ملك خاص؛ وهو ما يحرم مواطنين من الحصول على وظيفة تناسب مؤهلاتهم، أو يمارس على بعضهم أساليب سيئة قد تمس كرامتهم، أو تغمط حقوقهم.
ولعل البعض فوجئ بإنهاء أعمال اللجنة المشكَّلة برئاسة ولي العهد ظنًّا منهم أن ذلك يعني إنهاء متابعة الفاسدين. وهذا غير صحيح؛ إذ كانت اللجنة مؤقتة وموجهة لشخصيات معينة، بينما ستعمل هيئة مكافحة الفساد بالنهوض بعملها وتلقي شكاوى الناس وملاحظاتهم وبلاغاتهم وملاحقة الفاسدين. ولا نغفل أن المواطن شريك ومسؤول، سواء بالمحافظة على النظام العام في وطنه، والتبليغ عن أي شبهة فساد؛ لنصل إلى بلد نظيف، يليق بمكانته دوليًّا، وننعم بأمن وارتياح وكرامة.