«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
منذ أسابيع قليلة أنهت هيئة الإحصاء مسحًا صناعيًا تفصيليًا للمنشآت الصناعية والتحديات التي تواجهها.. ولم يتوقع أي من المراقبين حينها أن هذه الخطوة ما هي إلا تمهيد لإطلاق منظومة تطوير صناعية متكاملة تحت سياق: «برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية».
فما هو هذا البرنامج؟ ولماذا في هذا الوقت؟ وما هي الجهود التي سبقته؟ وكيف تفكر الحكومة السعودية في الوقت الراهن؟ غرفة للصفقات.. لماذا؟
نود بادئ ذي بدئ التركيز وتفسير تلك الجهود المنظمة والعلمية التي تم اتخاذها قبل إطلاق هذا البرنامج الضخم، حيث إن المسح الصناعي الذي أجرته هيئة الإحصاء في عام 2018م توصل إلى أن التحدي الهائل الذي يواجه الصناعة الوطنية هو ضعف الطلب، وهنا نفاجأ بالإعلان عن تأسيس غرفة باسم «غرفة الصفقات».
وتعتقد «وحدة أبحاث الجزيرة» أن هذه الغرفة كفيلة بالقضاء على التحدي الأهم والأكبر الذي يواجه المنشآت الصناعية المحلية حاليًا، وهو تنشيط الطلب وخاصة الطلب الخارجي على المنتجات الصناعية الوطنية، في ظل تحديات كثيفة تموج بها الساحتان المحلية والأجنبية من منافسة شرسة وإغراق هائل قد لا تتمكن أي منشأة محلية الوقوف في وجهه.
رفع طاقة وقدرات المنشآت الكبيرة
الهدف الثاني الأهم لغرفة الصفقات هو رفع الطلب الاستثماري على المشاريع والأنشطة الصناعية المتخصصة بالمملكة.. سواء أكان طلبًا محليًا من جانب منشآت القطاع الخاص أو طلبًا أجنبيًا من الخارج.. فقد توصل المسح الصناعي إلى أن عدد المنشآت الصناعية الكبيرة بالمملكة يناهز الـ 640 منشأة.. تحتاج المنشآت إلى دعم لوجستي وتسويقي.. فنحن نحتاج إلى دعمها أولاً ثم نحتاج إلى إيجاد منشآت كبرى جديدة في تخصصات ربما بعضها لا يلبيها إلا الاستثمار الأجنبي أو المشترك.. فالمنظومة الجديدة تدعم الخيار الأمثل للمملكة وهو الاستثمار الأجنبي المشترك الذي يتيح جزءًا من رؤوس الأموال المادية والماهرة فضلاً عن نقل التكنولوجيا المتقدمة والحديثة.
لذلك، فالمنظومة الجديدة تسعى للتركيز على دعم ومساندة تكوين كيانات صناعية كبرى وفي مجالات بعينها.. سيتم طرحها على المستثمرين، والتي يتوقع أن تصل قيمة المشاريع الجاهزة الطرح إلى 70 مليار ريال كجزء أولى من قيمة مستهدفة 1.6 تريليون ريال.
330 مبادرة
الجديد وغير العادي أن خطة برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية تستهدف إطلاق أكثر من 330 مبادرة، ستحقق أكثر من ثلث مستهدفات رؤية المملكة 2030 للقطاع الصناعي.
فبجانب المشاريع الجاهزة التي سيتم إطلاقها بقيمة 70 مليار ريال، سيتم تبادل اتفاقيات بقيمة 200 مليار ريال أثناء تنفيذ المنظومة، كما سيتم عرض بطاقات استثمارية جاهزة أيضاً خلال إطلاق البرنامج.
تحفيز لوجستيات الصناعة
التصريحات تؤكد أنّها ستركز على دعم وتحفيز قطاع الخدمات اللوجستية، من طرق وسكك الحديد وموانئ ومطارات ومناطق اقتصادية حرة وشبكات لوجستية ذكية، إذ تُمكن هذه القطاعات من التكامل والربط داخلياً وخارجياً مع اقتصاديات العالم، مستهدفة الوصول إلى أقل مستويات ممكنة للتكلفة والقدرة على الوصول للأسواق لمنتجات بحيث تمكن المنتج السعودي من المنافسة داخليًا وخارجيًا. وتسعى المنظومة من الاستفادة من الموقع الإستراتيجي الذي تمتلكه المملكة على البحر الأحمر الذي يمر من خلاله أكثر من 13 % من التجارة العالمية.
353 ألف سعودي محترفون صناعيون.. والثمار المتوقعة للمنظومة
من أهم نتائج المسح الصناعي الحديث الذي أجرته هيئة الإحصاء ظهور إقبال وبدء طفرة تشغيل صناعي سعودية، حيث وصل عدد المحترفين وأصحاب المهارات والذين نالوا مرتبة مدير صناعي من السعوديين إلى حوالي 353 ألف سعودي.. أما الأمر الملفت هو ظهور عدد كبير من الإناث من بينهم، حيث وصل عدد السعوديات المديرات المحترفات وأصحاب المهارات إلى حوالي 5833 سعودية، وهي نتيجة لم تكن متوقعة منذ سنوات قليلة.
إلا أنه في الوقت نفسه ينبغي القول إنه يوجد فرص ذهبية للإحلال في وظائف مهاراتية تقدر بنحو 533 ألف عامل ماهر، هذا بجانب فرص إحلال لحوالي 36 ألف فرصة مدير صناعي يشغلها أجنبي من غير السعوديين.
وتعتقد وحدة أبحاث الجزيرة أنه في ظل منظومة التطوير الصناعي من المتوقع وصول عدد المحترفين السعوديين في الصناعة إلى ما يناهز المليون سعودي وسعودية.
أما بالنسبة لفرص العمل الجديدة المتوقع أن توجدها المنظومة الجديدة فتصل إلى ضعف العدد الحالي، لأن اكتمال المنظومة من المتوقع أن يستقطب حوالي 1.6 تريليون ريال كاستثمارات صناعية صافية جديدة.