تقديم المترجم: هنا ملخص تقرير للصحافي الإنكليزي جيمس كالدروود نشره يوم الجمعة 30 يوليو 2010 في جريدة «ذا ناشينال» التي تصدر من أبوظبي. وتشكّل هذه المادة الفصل السادس من كتاب «الصراع السياسي والتحيّز للحضر في الصحافة الكويتية المعاصرة»، الذي صدر مؤخراً من إعداد وترجمة وتعليق كاتب هذه السطور، ومن تأليف الباحث النرويجي د. كتيل سلفيك وآخرين:
نشرت صحيفة «الرؤية» الكويتية، التي تصدر باللغة العربية، أمس الخميس 29 يوليو 2010، آخر أعدادها، لتصبح ثالث صحيفة كويتية تغلق لأسباب اقتصادية خلال الأشهر الـ18 الماضية. وكانت هذه الصحف الثلاث ضمن مجموعة من الصحف الجديدة التي صدرت بعد تعديل البرلمان لقانون المطبوعات والنشر عام 2006، ليسمح بمنح تراخيص صحف جديدة في البلاد لأول مرة منذ عام 1976. وخلال بضع سنوات من تعديل القانون عام 2006، ارتفع عدد الصحف العربية اليومية الورقية فجأة من 5 إلى 15 أي بنسبة 300 %. ووقع هذا الحدث في عصر يشهد تحولات إعلامية هائلة بسبب بزوغ وسائل الإعلام الإلكترونية التي أدت إلى تراجع أهمية الصحافة الورقية في جميع أنحاء العالم.
وعندما نتأمل هذا الانفجار الصحافي عبر منظار «العقلانية الاقتصادية»، فإن تضاعف عدد الصحف واستمرارها بغض النظر عن الأزمات المالية يعد «لغزاً محيراً»؛ فالعائد المالي الإجمالي من الاشتراكات والإعلانات في السوق الكويتي لا يمكنه تغطية نفقات زيادة عدد الصحف اليومية 300%. وبالفعل، أدت تلك الزيادة الهائلة في عدد الصحف إلى إفلاس بعض الصحف وإقفالها، خاصة بعد أزمة عام 2008 المالية العالمية التي أدت إلى انكماش السوق السنوية للإعلانات الصحافية الكويتية انكماشا دراماتيكيا من 300 مليون دولار عام 2008 إلى 60 مليون دولار عام 2009.
وكانت صحيفة «الصوت» هي أول صحيفة تغلق وجرى ذلك في فبراير 2009 أي بعد 86 يوماً فقط من صدورها، وتبعتها صحيفة «أوان» في مايو 2010. ثم أغلقت صحيفة «الرؤية» في يوليو 2010، لتصبح ثالث صحيفة كويتية تغلق لأسباب اقتصادية خلال الأشهر الـ18 الماضية. ويتوقع محللون فشل وتوقف المزيد من الصحف التي تصارع بقوة لجذب القراء من منافسيهم الأقدم والأكثر رسوخا.
وقال سعود السبيعي، رئيس تحرير «الرؤية»، أمس، في الافتتاحية، إن الصحيفة حاولت الاستمرار، بالرغم من «الظروف المالية الصعبة التي نتجت عن الأزمة الاقتصادية العالمية». وأضاف السيد السبيعي أن «الرؤية» كانت «منبراً مستنيراً انبثق عن التعاليم الإسلامية الصافية، وكانت الصحيفة اليومية الوحيدة في العالم العربي التي قررت باختيارها وضع نفسها تحت رقابة الشريعة الإسلامية. ولذلك، رفضنا مئات الإعلانات التي تقدر عوائدها بمئات الآلاف من الدولارات»، على حد قوله.
وتعود ملكية الصحيفة إلى شركة الامتياز للاستثمار، وهي شركة مساهمة كويتية. وقال السيد السبيعي إن غانم السعد، رئيس مجلس إدارة الشركة، وهو رجل أعمال قطري بارز، أوقف تمويله للصحيفة. وأضاف السيد السبيعي، في محادثة هاتفية مع «ذا ناشينال»، أن «حكومة قطر تدعم رئيس مجلس الإدارة، ولكنهم يقولون الآن لا نحتاج إلى صحيفة في الكويت»!! ورفضت شركة الامتياز للاستثمار التعليق على إغلاق «الرؤية».
وقال مصدر: «لقد كانت الرؤية تخسر منذ البداية»؛ ولكن كانت مرتبات موظفيها الـ120 تُدفع بانتظام، وهذا الإغلاق سيعطي هذه الصحيفة الإسلاموية فرصة للبحث عن تمويل بديل. وقبل تعديل البرلمان لقانون المطبوعات والنشر في عام 2006، كان هناك 5 صحف ورقية يومية بالعربية: «الوطن»، و«القبس»، و«السياسة»، و«الأنباء»، و«الراي». وظهرت، تقريباً، 12 صحيفة جديدة تقريباً خلال سنتين من تعديل القانون، وردت الصحف الخمس القديمة والراسخة بتخفيض سعر المساحات الإعلانية.
ودخلت الصحف الجديدة في صراع شرس من أجل البقاء وهي تخوض منافسات قوية مع بعضها البعض والأهم مع الصحف الخمس القديمة. وكانت صحيفة «الصوت» هي أول صحيفة تغلق، وجرى ذلك في فبراير 2009، وتبعتها «أوان» في مايو 2010. وأكد محمد الرميحي، رئيس تحرير «أوان»، أن الإغلاق جرى لـ «أسباب اقتصادية قاسية للغاية». وكان الرميحي قد قال، في وقت سابق، إن: معظم عائدات الصحيفة تأتي من الإعلانات، ولا تشكل قيمة مبيعات الصحيفة أكثر من 5 % فقط من مجموع الدخل. وأضاف أن العديد من النسخ كانت توزع مجاناً لشركات الطيران والنوادي والفنادق. ويقول د. علي الكندري، وهو أستاذ مساعد في قسم الاتّصال الجَمَاهِيِريّ في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا: «من ضمن مجموع سكان الكويت البالغ عددهم ثلاثة ملايين، هناك مليون كويتي فقط، وهؤلاء فقط هم الذين يقرأون الصحف العربية»، وأضاف الكندري: وحتى بين الكويتيين، يفضل الشباب الحصول على الأخبار من التلفزيون والإنترنت؛ وهو ما قلّص حجم سوق الصحف.
ويشير الكندري إلى أن «بعض الصحف لديها 5.000 مشترك فقط، والشركات المعلنة تعلم ذلك وتقول: لماذا يجب أن نعلن هنا؟!». ويضيف الكندري: «لقد فَحصتُ جريدة «الوطن» في رمضان، ووجدت أن 60 صفحة من أصل 100 صفحة كانت مليئة بالإعلانات. وعندما فحصت «الرؤية» في الفترة نفسها، وجدت فقط 5 إعلانات في جميع صفحاتها التي تبلغ 40 صفحة». ويشير الكندري إلى أن «العديد من الصحف الكويتية تحصل على رعاية (دعم مالي) من جماعات أو كتل سياسية تدفع المال مقابل دعم الصحيفة لبرامجهم السياسية، ومن المعروف أن «الرؤية» كانت صوت السلفيين في الكويت».
... ... ...
انتهى التقرير
تعقيب المترجم:
جرى إغلاق 3 صحف منذ نشر هذه المقالة وحتى الآن. فقد تم إغلاق صحيفة «عالم اليوم» لسبب سياسي بعدما خالفت قرار النائب العام بمنع النشر في قضية حساسة ، وأُغلقت صحيفة «الدار» لقيامها بتأجيج الفتنة الطائفية، كما جرى إغلاق صحيفة «الحرية» لسبب اقتصادي. (العيسى)
** **
- ترجمة وتعليق/ د. حمد العيسى