سمر المقرن
تكرر صوت امرأة تصرخ من التعنيف في الحي الذي أقطن به، وتم إبلاغ مركز بلاغات العنف والإيذاء على الرقم 1919 وكان التجاوب سريعاً ورائعاً وأخذ اهتماماً كبيراً من المسؤولات. لكن يبدو لي أن الصلاحيات ما زالت أقل من الطموحات، من هذه القصة أخذت أفكر وأنا أقرأ عن توصية تقدَّم بها أعضاء في مجلس الشورى لدعم جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما جعلني أربط بينها وبين مراكز الأحياء والتي ما زالت طموحات وأمنيات وبعض الجهود البسيطة. الفكرة التي وصلت إليها وأنا في خِضَمِّ كل هذه الأخبار، أن جهاز الهيئة لا يمكن أن يعود بالسلطة المطلقة السابقة وأن تنظيم صلاحياته وأدواره مرضية في الوضع الحالي إلى حد ما، فأنا أستغرب حقيقة ممن يقول يجب أن تعود الصلاحيات للهيئة، فما حدث ليس سحب صلاحيات أبداً إنما كان الجهاز يعمل في الزمن السابق بلا تنظيم، واليوم أصبح يعمل بتنظيم.
لكن.. ما ذا لو تمت إعادة تدوير هذا الجهاز وتنظيمه بطريقة عصرية تواكب هذا العصر، بحيث نستفيد من مباني الهيئة المنتشرة في جميع الأحياء السكنية، وتحويلها إلى مراكز أحياء، ودمج موظفي الهيئة في هذه المراكز ويكون دورها ليس مقتصراً على الأنشطة الثقافية والترفيهية فقط، بل يكون مركزاً لبلاغات الحي عن قضايا العنف والإيذاء ويكون عمله متواصلاً مع الشرطة ومع مركز بلاغات الإيذاء، بحيث أن البلاغ يكون داخل الحي أسهل على المبلغ وأسهل على الجهة التي تتلقى البلاغ، ويكون في المركز فصول تأهيل للأشخاص المعنفين، ويكون كذلك عقوبات لهؤلاء بحيث يخدم الشخص داخل الحي والمركز، والعقوبات لا تقع فقط على المعنفين، بل حتى المخالف أو الذي يلقي بأكياس القمامة في غير مكانها المخصص، أو حتى من لا يقوم بإغلاق أكياس القمامة، أو من يقوم بإيقاف السيارة في مكان خاطئ، أو أي شخص يؤذي الجيران. لو تم إيجاد مراكز أحياء بصلاحيات واسعة داخل الحي فقط، فإننا سنخلق أجواء رائعة داخل الأحياء، وستكون ميداناً جيداً للعقوبات البديلة في خدمة الحي بالكامل.
هذه مجرّد أفكار أترجمها هنا دارت في ذهني وأنا أرى تلك المطالبات بإعادة دور الهيئة الذي لم يغب أصلاً، لكن يستحيل أن يعود بلا تنظيم لأن الماضي يبقى مجرّد ذكرى. مهم جداً أن نحاول ونفكر سوياً في مشاريع مؤسساتية تنفع الوطن وفي الوقت ذاته تكون أدواراً حديثة تواكب حياتنا اليوم!