أ.د. يوسف بن أحمد الرميح
صدر المؤشر العالمي للإرهاب لسنة 2017 عن معهد الاقتصاد والسلام، وحمل الكثير من تفاصيل تطور الظاهرة الإرهابية لسنة 2017 و2016، حيث إن عام 2018 لم تصدر بعد. ويمكن اعتبار سنة 2017 سنة دامية لكن ليس بالدموية التي كانت عليها سنوات 2015 و2014 التي شهدت أعنف مراحم تطور الظاهرة الإرهابية. هذا التراجع جاء نتيجة نجاح الحملات المتتالية ضد تنظيم داعش وخسارة التنظيم لما يزيد عن 97 % من المدن ومناطق النفوذ التي يسيطر عليها، وكذا الانحسار العام لمكينة هذا التنظيم الإعلامية بسبب الضربات المتتالية التي تلقاها سنة 2016 و2017، كما لعبت الحملة المكثفة والمنظمة ضد بوكو حرام والتي تقودها الحكومة النيجيرية في الحد بشكل ملحوظ من هجمات بوكو حرام وتناقصها مقارنة بسنة 2016م. ولقد تعرضت 77 دولة في العالم لعمل إرهابي واحد على الأقل في تراجع واضح مقارنة بعام 2016م، بينما وبشكل إيجابي حسنت 79 دولة ترتيبها في قائمة المؤشر الدولي للإرهاب بينما تراجع تصنيف 58 دولة. وشهدت دول كباكستان ونيجيريا أكبر معدلات بالتحسن. وبشكل عام وبشكل إيجابي أيضاً تراجع مؤشر الإرهاب العالمي وتراجع تأثير الحركات الإرهابية على مسرح الأحداث بعد أن دخلت كل من داعش وبوكو حرام مرحلة الدفاع عن وجودها، بعد أن قضت الحركتان سنتي 2014 و2015 في التوسع والانتشار، ويعود هذا التراجع لنجاح العمليات الميدانية ضد هاتين الحركتين. وقد تربعت خمس دول إسلامية على رأس مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2017، وسجلت فيها أكبر نسبة وفيات بسبب الإرهاب واستحوذت هذه الدول على نسبة ثلاثة أرباع نسبة الوفيات العالمية بسبب الإرهاب هذه الدول للأسف هي: العراق، أفغانستان، نيجيريا، باكستان، سوريا.
انخفضت نسبة الوفيات بسبب الإرهاب إلى نسبة 13 % ما بين 2016 و2017 مقارنة بنسبة 10 % مقارنة بسنة 2015، حيث بلغت هذه السنة 25673 ضحية، وهو ثاني انخفاض كبير لها منذ سنة 2010. وقد شهدت نيجيريا أكبر نسبة انخفاض في نسب الوفيات بسبب الإرهاب سنة 2017 حيث انخفض عدد الضحايا إلى 3100 سنة 2016 مقارنة بعدد 5556 سنة 2015، أي ما يقارب نسبة 80 % انخفاض عن ما عهدته في السنوات الماضية، يعود هذا طبعاً للحملة المنظمة التي تقودها الدولة ضد هذا التنظيم والانقسامات التي شهدتها الحركة. وقد دفع تراجع بوكو حرام إلى تناقص نسبة الضحايا في الدول المجاورة لنيجيريا وهي الكاميرون وتشاد والنيجر بنسبة 75 %، أي لأكثر من 1000 قتيل أقل مما سجل السنة الماضية. هذا الانخفاض في الوفيات بسبب الإرهاب شهدته حتى باكستان وسوريا وأفغانستان، التي شهدت انخفاض قدره 500 ضحية أقل من سنة 2016، وما يعادل انخفاضاً بنسبة 33 % مقارنة بالسنوات الماضية. وقد سجلت أفغانستان لوحدها تراجعاً في معدل ضحايا العمليات الإرهابية بنسبة 14 % . بينما تراجعت نسبة الوفيات بسبب الهجمات الإرهابية بنسبة 24 % في سوريا مقارنة بسنة 2015. بينما سجلت باكستان تراجعاً في عدد الضحايا بنسبة 12 % أي ما عدده 956 ضحية سنة 2016 وهي أقل نسبة ضحايا تسجل منذ سنة 2006. هذه المؤشرات الإيجابية التي سجلتها الدول الأربع السابقة لم تشهدها للأسف العراق التي سجلت 44 % في ضحايا العمليات الإرهابية سنة 2016. وفي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، وهي تجمع اقتصادي يجمع 33 دولة متقدمة، انخفضت نسبة الوفيات بسبب الإرهاب بشكل ملحوظ في الستة أشهر الأولى من 2017 حيث سجلت الفترة سقوط 82 قتيلا فقط مقارنة بما يزيد عن 265 ضحية سقطوا طيلة سنة 2016. وقد شهدت 18 دولة من بين 33 الأعضاء في المنظمة عملاً إرهابياً واحداً على الأقل ما بين 2016 و2017، وكانت نسب الضحايا الأعلى بينها في كل من فرنسا وتركيا، واسبانيا. وقد شهدت المنطقة تزايداً ملحوظاً في عدد هجمات الذئاب المنفردة حيث تزايدت الهجمات من هجوم واحد فقط سنة 2008 إلى 56 هجوماً سنة 2016، وقد شهدت بريطانيا أغلب هذه الهجمات. وأثبت التقرير أن في فترة 17 سنة الأخيرة 99 % من ضحايا الإرهاب سقطوا في دول تعاني من صراعات سياسية. ولقد أعدم الإرهابيون في عام 2017م 1967 مدنيًّا وعسكريًّا بطرق مختلفة أشهرها الحرق والذبح وارمي بالرصاص، كما تمّ تنفيذ 1913 تفجيرًا إرهابيًّا وهجومًا مسلّحًا و804 عمليات انتحارية بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة؛ أَسْفَرَ ذلك عن مقتل 16643 من المدنيين وقوات الأمن وإصابة 13617آخرين إلى جانب اختطاف 3601 من قِبَل المسلّحين، وفيما يلي أهم التفاصيل:-
العراق: الدولة الأعلى في نسبة الإرهاب عالمياً بسبب ما يسمى «تنظيم الدولة الإسلامية»، فقد نفّذ تنظيم داعش الإرهابي 536 هجومًا وتفجيرًا إرهابيًّا و383 عملية انتحارية بحزام ناسف أو سيارة مفخخة، إلى جانب إعدام واغتيال حوالَي 1000 شخصٍ في مدن مختلفة، ونتيجة لهذه العمليات الإرهابية لقي حوالي 4222 شخصًا مصرعهم وأصيب 2488 آخرون، إلى جانب اختطاف 2139 مدنيًّا معظمهم من الأطفال والنساء، يدرّبونهم على حمل السلاح ويستخدمونهم في عملياتهم الإرهابية. ويلي العراق في الترتيب أفغانستان؛ فقد تسبب الإرهاب في مقتل ما يزيد عن 4000 شخصٍ وإصابة 2657 واختطاف حوالي 500 مدني؛ أطفالًا ونساءً، كان ذلك نتيجة 538 تفجيرًا إرهابيًّا وهجومًا مسلّحًا و167 عملية انتحارية، فضلًا عن إعدام 411 شخصًا في مجازرَ ومذابحَ جماعيّةٍ ومتفرقة.
بعد ذلك تأتي سوريا؛ ففيها سجل الإرهاب 212 تفجيرًا إرهابيًّا وهجومًا مسلّحًا و83 عملية انتحارية؛ حيث لقي نحو 3151 مدنيًّا مصرعهم وأصيب حوالي 1900 آخرين، فضلًا عن اختطاف حوالي 500 مدني بينهم 300 موظف في شركةٍ للإسمنت دفعةً واحدة، وإعدام 378 آخرين معظمهم من النساء والأطفال.
الصومال: تقع الصومال في المرتبة الرابعة عالميًّا من حيث عدد ضحايا العمليات الإرهابية؛ فخلال العام الماضي أعدمت «حركة الشباب» 43 شخصًا ذبحًا، كما أودت بحياة 1162 مدنيًّا وأصابت 1236 آخرين، في 91 تفجيرًا إرهابيًّا وهجومًا مسلحًا و22 عملية انتحارية.
نيجيريا: نفّذت جماعة بوكو حرام 48 عملية انتحارية و72 تفجيرًا إرهابيًّا وهجومًا مسلحًا على تجمعات للمدنيين وقوافل تابعة للجيش النيجيري، خلفت حوالي 739 قتيلًا و771 جريحًا كما اختطفت 49 فتاة قاصرة، وأعدمت 28 شخصًا رفضوا الانضمام للجماعة على مدار العام.
مصر: حلّت مصرُ في المرتبة السادسة عالميًّا من حيث عدد ضحايا ومصابي العمليات الإرهابية؛ بسبب عمليةٍ إرهابية واحدة نفّذها تنظيم داعش الإرهابي في مسجدٍ أثناء إقامة صلاة الجمعة أودت بحياة ما يزيد عن 300 شخص، إلى جانب 80 تفجيرًا إرهابيًّا وهجومًا مسلّحًا و24 عملية انتحارية، أسفرت إجمالًا عن مقتل 729 وإصابة 630 آخرين وإعدام 23.
باكستان: تعددت حوادث الاستهداف والتفجيرات والاغتيالات في باكستان خلال العام الماضي، فشنّ داعش الإرهابي هجماتٍ عنيفةً وتفجيرات إرهابية بلغ عددها 79 تفجيرًا وهجومًا، وفجّر حوالي 20 عنصرًا مسلحًا نفسه في تَجَمُّعٍ مدني أو نقطة أمنية، أسفرت عن مقتل 649 مدنيًّا وعسكريًّا وإصابة 1250 آخرين، إلى جانب إعدام واغتيال 9 مسئولين واختطاف 12 شابًّا.
اليمن: نفّذ تنظيم القاعدة الإرهابي 68 هجومًا مسلحًا وتفجيرًا إرهابيًّا و12 عملية انتحارية، راح ضحيّتها 547 قتيلًا و367 مصابًا، بالإضافة إلى إعدام 18 شخصًا واختطاف 79 طفلًا وامرأة من أسواقٍ تجارية وتجمعات سكنية.
الفلبين: أسفرت 6 عملياتٍ انتحارية و55 هجومًا مسلّحًا وتفجيرًا إرهابيًّا عن مقتل 488 شخصًا وإصابة 404 آخرين.
أفريقيا الوسطى: أدّت هجماتٌ عنيفة شنّتها جماعة «أنتي بالاكا» على مسلمِين في شرق أفريقيا الوسطى أعقبتها تفجيراتٌ انتحارية إلى مقتل 243 شخصًا وإصابة 432.
الكاميرون: في 40 تفجيرًا إرهابيًّا و15 عمليّةً انتحارية لقي ما لا يَقِلّ عن 139 مدنيًّا مصرعهم وأصيب 187 آخرون، واختطفت الجماعة 20 مدنيًّا بينهم 9 أطفال و5 فتيات، وأعدمت 16 شابًّا.
ليبيا: قُتل حوالي 130 شخصًا وأصيب نحو 100 آخرين في هجماتٍ وتفجيراتٍ إرهابية، استهدف معظمُها نقاطَ تفتيشٍ أمنية وقوافلَ طبيةً تابعةً للجيش والجمعيات الخيرية.
الولايات المتحدة الأمريكية: أطلق مسلحون ينتمون لتنظيم داعش الإرهابي النار على احتفالٍ في مدينة لاس فيجاس، كما فتح آخرون النار على كنيسةٍ في ولاية «تكساس» بالإضافة إلى عملية دهس في نيويورك؛ ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 100 شخصٍ وإصابة نحو 589 آخرين.
مالي: شنَّت ميليشياتٌ تابعةٌ لجماعاتٍ مسلحة 13 هجومًا إرهابيًّا على قوافلَ تابعةٍ لقوّات الجيش المالي وتجمُّعاتٍ سكنية وأسواقٍ تجارية؛ أسفرتْ عن مقتل 72 شخصًا بينهم جنودٌ من الجيش والشرطة وإصابة 94 آخرين.
النيجر: نفذت بوكو حرام 14 هجومًا مسلحًا و5 عمليات انتحارية، أسفرت عن مقتل 65 من المدنيين وقوات الأمن وإصابة 63 آخرين.
كينيا: كان إجمالي ضحايا الإرهاب 61 قتيلًا و42 مصابًا.
تركيا: شهدت هجماتٍ إرهابية راح ضحيَّتها 59 شخصًا وأصيب 143 آخرون, ولقد تزايد الإرهاب في تركيا بمعدل 16 ضعفاً نتيجة الحاصل بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني وكذا هجمات داعش المتتالية من جهة أخرى.
البحرين: أسفرت هجمات إرهابية عن مقتل 20 مدنيًّا و7 جنود وإصابة 16 من المدنيين.
السعودية: نجحت قوّات الأمن السعودية في إحباط هجومٍ انتحاري في مدينة القطيف، ولقد وقع هجوم إرهابي أودى بحياة 8 أشخاص وأصاب 3 آخرين، كما أسفرت 8 اشتباكات مسلحة عن مقتل 20 مدنيًّا وعسكريًّا وإصابة 26 آخرين ومقتل 41 إرهابيًّا.
إسبانيا: حصيلة ضحايا الإرهاب 14 قتيلًا و130 مصابًا من 34 جنسيةً مختلفة.
بريطانيا: هاجَم عددٌ من المسلّحين مترو أنفاق العاصمة البريطانية مما أسفر عن مقتل 11 شخصًا وإصابة 106 بينهم إصاباتٌ بليغة.
بوركينا فاسو: قتلَ 20 شخصًا على الأقل وأصابَ 12 آخرين.
وفي أول يوم من عامنا الجديد 2019 أُصيب 8 أشخاص في هجوم يشتبه بأنه إرهابي، وقع ليلة رأس السنة في العاصمة اليابانية طوكيو. وقتل ضابط شرطة مصري في حادث إرهابي آخر منذ أيام.
ومن جانب آخر فلقد لقي 6 إرهابيون مصرعهم في شرق المملكة العربية السعودية على يد قوات الأمن السعودية.
كل هذا التاريخ الدموي والمأساوي بسبب الإرهاب وهذه الحوادث الجديدة تثبت وبلا شك أننا يجب أن نستمر وبكل قوة وصرامة وثبات في مكافحة الإرهاب والفكر الضال في كافة المجالات الفكرية والأمنية والتوعوية وغيرها حتى يتم القضاء على الإرهاب نهائياً إن شاء الله.