رمضان جريدي العنزي
الذين يخوضون في أعراض الناس وشؤونهم ويترصدون لهم يتعبون، لأنهم منشغلون في عمل مقيت سيئ وباطل، هؤلاء المنشغلون في شؤون غيرهم مرضى وحثالات، لا يشترط في الإنسان أن يكون مريضاً بأحد الأمراض الفتاكة كالسل والسرطان والطاعون، لكن العاهات والأسقام الكامنة في نفوس هؤلاء، تعتبر مرضاً خطيراً لا يرجى برؤه، عند هؤلاء انتكاسات، ونفوسهم معذبة، ويهوون الشرور والمصائب والفجائع للناس، إن تتبع الناس، والبحث عن أخبارهم، وتصيد أخبارهم، والتلصص عليهم، يعد أبشع أنواع العهر الأخلاقي، والأعمال الذميمة، إنهم مثل العثث ينخرون في الجسد الاجتماعي، محاولين تمزيقه، وهدم جدرانه، شقاة لا يأنفون ولا يترفعون عند إلصاق التهم الكاذبة، والقصص الباهتة على الناس، أنس لكنهم فاقوا شياطين الجن بأعمالهم وتصرفاتهم وسردهم البغيض، ألم يَقُل أحدهم:
وكنتُ فتىً من جند ابليس فارتقى
بي الحالُ حتى صار أبليسُ من جُنْدي
أشقياء يمارسون الكيد في أعمالهم، ويعيشون في مستنقعات الخيبة والرداءة الآسنة، عصابات آثمة، اخترقوا كل الخطوط الحمراء، ورفضوا كل الضوابط والموازين الدينية والإنسانية والاجتماعية، عبيد لأفكارهم اللاسوية، تسوقهم سوقاً نحو منحدرات العفن، انتقلوا من خدمة الإنسان، لخدمة الشيطان، نفوسهم مسكونة بالعقد واللؤم والحقد والحسد، والشر كامن في نفوسهم الرمادية، عندهم شعور بالنقص والدونية والفشل، لهذا ينخرطون في تنفيذ أعمال لا يقبلها الدين ولا العقل ولا المنطق ولا العرف الاجتماعي، مفلسون بالكامل، خانوا المبادئ، وداسوا على حرمة الأخلاق، وولغوا في الأعراض دون خجل أو حياء، استهانوا بالقيم، ولم يبالوا بعار الدنيا، ولا بنار الآخرة، انحدروا بقوة نحو سفوح النذالة والسفالة وكلام الحرام، فباؤوا بالإثم المبين، انزلقوا إلى ساحات البشاعة بكل تنوعاتها غير عابئين بعواقبها وتبعاتها، لأنهم يعيشون الخواء الروحي والأخلاقي، قلوبهم ماتت، وأرواحهم ذبلت، ومصابيحهم انطفأت، وأبوابهم أغلقت، ونوافذهم لم تعد مشرعة للخير والسلام، لا يعرفون الحياة السعيدة، ولا العيش الهنيء، بل يهوون المروق والعصيان والفسق واللغو بالكلام، عندهم سعار في حب الذات يتجاوز الحدود الطبيعية، لا يملون ولا يكلون من مراقبة الناس ولصق التهم الجائرة والجاهزة عليهم دون خوف ولا وجل، عليهم من الله ما يستحقون.