محمد المنيف
الحالة التي يظهر بها واقع التسويق للأعمال الفنية تشير إلى أنه يتراجع بشكل مخيف؛ إذ وصل إلى كبريات شركات التسويق العالمية، منها كريستيز وسوذبي الأشهر؛ ففي كثير من الأخبار يشار فيها إلى التراجع الذي لا يمكن إخفاؤه.
هذا التراجع أو السنوات العجاف في أرض التسويق يعود إلى الظروف الاقتصادية العالمية.. واعتبار الفنون في آخر قائمة ما يمكن ضمان استثماره مقابل موارد أخرى ومجالات أرحب وأكثر استخدامًا.
لم تتوقف موجة الجفاف تلك عند حدود الصالات والمزادات العالمية، بل امتدت إلى كل جزء من العالم وصولاً إلى واقعنا وصالاتنا وفنانينا.. فلم تعد فرص الاقتناء كما كانت. وإن حدث شيء فليس بالمستوى أو القيمة السابقة، بل تراجعت إلى أقل من النصف كما يرويها مُلاك صالات وسماسرة (مسوقون) غير سعوديين من خارج الصالات، قاموا في فترات مضت بتأمين لوحات للعديد من المنشآت الخاصة كالفنادق ومكاتب الشركات التي غالبيتها لفنانين من جنسهم. مع العلم بأن مثل تلك السبل تعتمد على أسماء معينة دون النظر إلى المستوى؛ فتشمل الغث والثمين، ويدفع ثمنها المقتني اعتمادًا على قناعته بالسمسار أو الوسيط الذي يعتبر متخصصًا في مجال الانتقاء حتى وإن لم يكن كذلك.
هذه الموجة أو الواقع المؤلم المتمثل في تراجع الاهتمام بالفنون كمجال للاستثمار في هذه الفترة التي يمر بها العالم يعود ضررها على الفنانين الذين تتكدس مراسمهم باللوحات والمنحوتات ممن كانوا يعملون في مردود يعينهم على استمرار إبداعهم.
والشيء بالشيء يذكر؛ إذ يعيدنا موضوع الاقتناء إلى مرحلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كان الفنانون يتسابقون على الاشتراك في المعارض التي تقيمها للاقتناء أو كسب الجوائز التي كانت الرئاسة تقدمها، وأنشأت معرضًا باسم (معرض المقتنيات)، يُقدَّم فيه جوائز اقتناء بأعداد كبيرة من الفنانين المشاركين، منها جوائز للفائزين، وأخرى للاقتناء، الهدف منها التشجيع، واختيار الأعمال المناسبة لتمثيل المملكة في المعارض الخارجية.
هذا الأمر وتلك الفرص لم يعد لها وجود، والحالة العامة لم تعد هي الحال السابقة التي وصلت فيها بعض الأعمال إلى مبالغ فلكية بالنسبة للفن المحلي، وكانت تتضمن تسجيلاً للبيئة والواقع المجتمعي التراثي من العادات والتقليد والمصنوعات الشعبية كطبيعة صامتة أو (ميتة) كما توصف المستلهم من مختلف مناطق المملكة.