فهد بن جليد
لو كانت العصمة وحق الطلاق بيد الزوج «المرأة» وليست بيد الزوج «الرجل» فهل سيشهد مجتمعنا هذا الكم من أرقام وقضايا الطلاق المخيفة التي تسجلها المحاكم اليوم؟ أم أن المرأة ستكون أكثر تعقلاً وترويًا وتخوفًا من المستقبل، وستجد حلولاً للكثير من المشاكل؛ وهو ما يعني انخفاض أرقام معدلات الطلاق فعليًّا؟ الاحتمال الآخر الوارد أن الأرقام ستتضاعف، وتزداد أكثر بسبب استعجال المرأة للجوء لحل الفراق السريع عند عصبيتها ومللها، أو عدم تلبية طلباتها، مع عدم قدرتها على تحمُّل منغصات الحياة مع أول ظرف تواجهه الأسرة؟
هذا السؤال لا أطرحه اعتباطًا، بل أبحث من خلال تصوُّر إجابته عن حل لتخفيض نسبة الطلاق المخيفة، وعلاج كثير من المشاكل والمعضلات الأسرية، ومنعها حتى قبل وقوعها، عندما يتم منح المرأة مسؤولية أكبر، وتوسيع مشاركتها وحقها في اتخاذ قرار أسري مصيري من هذا النوع، وخصوصًا وهي اليوم تملك وعيًا أكبر، ولديها مقومات وخبرات علمية وعملية وحياتية، تساعد في اتخاذ القرار المناسب، مع علمي بأن تفرُّد المرأة بالعصمة، وتملكها الحق في تطليق الزوج دون الرجوع إليه، من الأفكار غير المنتشرة أو المقبولة في المجتمع الخليجي، والسعودي تحديدًا، سوى في حالات خاصة جدًّا، لها ظروفها. هذه طبيعة مجتمعاتنا وبيئتنا رغم كل التطوُّر والتقدم الذي تعيشه بلداننا ومجتمعاتنا؛ فمسألة الانفصال تبقى حقًّا متفردًا للرجل، ضمنه له وأقره السلوك والرضا المجتمعي السائد، وإن كان هناك من يتحدث عن تقديم العصمة المشتركة بين الزوجين كحل بديل، أو تفرُّد المرأة بحق الانفصال عبر تقديم نماذج عربية ناجحة، كانت فيها المرأة «سيدة الموقف»؛ ليتم مقارنة مجتمعنا بها.
حق المرأة في العصمة فكرة ليست جديدة؛ فقد أثارت جدلاً واسعًا قبل سنوات عدة، وتحدث حولها آنذاك كثيرٌ من المتخصصين، وفصَّلوا في المسألة شرعًا ونظامًا؛ إذ لا يوجد شرعًا ما يمنع من اشتراط المرأة في العقد أن تكون العصمة بيدها، وفي حال وافق الزوج على ذلك يلزمه الأمر، ولا يجوز التراجع عنه لاحقًا، والعقد صحيح ونافذ، بحسب كلام أهل العلم وأدلتهم، ولكون المرأة التي تملك العصمة يحق لها تطليق الزوج «طلقة واحدة»، وليست طلقة بينونة؛ ليمكنهما التراجع، بحسب رأي أكثر أهل العلم؛ فهذا قد يعطي فرصة أخرى لاستمرار الحياة، ولو على طريقة المثل المصري الشعبي «ظل حرمة ولا ظل حيطة» بتصرُّف!
وعلى دروب الخير نلتقي.