د. أحمد الفراج
استكمالا للمقال الماضي عن أشهر الخصومات السياسية في التاريخ الأمريكي، نعرج اليوم على الخصومة التاريخية، بين الرئيس ريتشارد نيكسون، وأسرة آل كينيدي، التي يطلق عليها مجازًا «الأسرة المالكة»، وقد بدأت الخصومة بسبب غَيْرة نيكسون من غريمه في الانتخابات الرئاسية لعام 1960، التي خسر فيها ابن الأسرة الفقيرة، الجمهوري نيكسون، أمام الشاب الوسيم، وابن الأسرة الثرية، جون كينيدي، إذ رغم أن نيكسون ترشح للانتخابات، بعد أن خدم ثماني سنوات كنائب للرئيس الجنرال، ديويت ايزنهاور، قائد قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه خسر، وبات يشعر بالنقص أمام كينيدي، وقد تطور الأمر إلى أن أصبح خصمًا لأشقاء الرئيس الأشهر، جون كينيدي، بعد اغتيال الأخير في عام 1963، وفوزه هو أخيرًا بالرئاسة في عام 1968.
كان نيكسون يخشى من منافسة روبرت كينيدي له، في انتخابات الرئاسة لعام 1968، وروبرت سياسي بارز، وكان وزير العدل في فترة رئاسة شقيقة جون، وبالفعل ترشح روبرت، ثم تنفس نيكسون الصعداء، بعد اغتيال الأول على طريقة اغتيال أخيه الرئيس، إذ أطلق الفلسطيني سرحان سرحان النار عليه، وتوفي على أثر ذلك، ثم بدأ نيكسون، المصاب بالشك حدّ البارانويا، في التفكير بخطر منافسه المحتمل لانتخابات الرئاسة لعام 1972، تيد كينيدي، الشقيق الأصغر لجون وروبرت، فأمر الشرطة السرية بالبحث عن أي زلة لكينيدي الصغير، ولكن الأخير تبرع بتدمير سمعته بنفسه، عندما غرقت سيارته بالنهر، تحت تأثير الكحول، وكانت برفقته عشيقته، التي توفيت جراء الحادث، ولم يترشح لمنافسة نيكسون في تلك الانتخابات، التي فاز من خلالها بفترة رئاسية ثانية، ولكنه لم يهنأ بها، إذ استقال تحت ضغط قضية ووترقيت الشهيرة، ولعلها كانت لعنة آل كينيدي!.
ثم تأتي خصومة اثنين من أشهر ساسة أمريكا، ما بعد الحرب العالمية الثانية، الرئيس الجمهوري، والممثل السابق، ذو الشعبية الجارفة، رونالد ريجان، ورئيس مجلس النواب، الديمقراطي تيب اونيل، والطريف أن معظم الشعب الأمريكي كان يعتقد بأنهما صديقان، وذلك لأنهما كانا سياسيّين متميزين، يتعاملان مع بعضهما البعض، أمام الناس والإعلام، بمنتهى المهنية. هذا، ولكن تبين أن بينهما خصومة حادّة، إذ قال أونيل مرة عن ريجان: «إنه أجهل رئيس دخل البيت الأبيض»، كما ذكر بعض المؤرخين أن ريجان قال عن غريمه أونيل مرة: «إنه ضخم الجثة، ويبدو كرجل دائري الشكل يحشو جسده بالمال»، ولا شك أن هذه الخصومة أثّرت بشكل كبير على عمل الحكومة في ذلك الوقت، وما أشبه خصومتهما بخصومة الرئيس ترمب حاليًّا، مع زعيمة مجلس النواب الجديد، نانسي بلوسي، وسيتواصل الحديث.