د.عبدالعزيز الجار الله
شهدت السعودية إطلاق برنامج لتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، ضمن 13 برنامجًا لتحقيق رؤية السعودية 2030 الذي يستهدف نموًا وتكاملاً بين قطاعات الصناعة والتعدين والطاقة والخدمات، والذي يشكِّل أكثر من ثلث مستهدفات الرؤية. هذه الإنجازات تجعلنا نعود قليلاً للوراء لحال السعودية وهي تتشكل وتدافع عن نفسها لتمنع دخول المستعمر الأوروبي أراضيها، أو الهيمنة على مقدراتها وسيادة الجزيرة العربية من قبل الدولة العثمانية في أوائل القرن العشرين الميلادية، ومد النفوذ الإيراني. أما لماذا، فلأن نظرة المستعمر الأوربي والمهيمن العثماني والطامع الفارسي لا ترى في الجزيرة العربية سوى سواحل البحر الأحمر والمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وسواحل الخليج العربي، وهي ممرات مائية شبه دائرية تربط: البحرالأحمر، خليج عدن، بحر العرب، خليج عمان، الخليج العربي، نهر دجلة ونهر الفرات، البحر الأبيض المتوسط، قناة السويس تربطهما ببعض ما عدا ذلك من صحراء فلا تعنيهم.
كان الاستعمار لا يرى في الجزيرة العربية ولا يرى في بلادنا سوى سواحلها والحرمين الشريفين، أما بقية جغرافية المملكة فلا يرى فيها سوى صحراء قاحلة عطشى وأقاليم جافة شحيحة الموارد، هي في نظرهم مقبرة الغزاة والطامحين، لذلك يتم الإشارة للجزيرة العربية بكل دولها في خرائطهم باللون الأصفر، إشارة إلى التصحر وخلوها من السكان، وعلى الأطراف الغربية والشرقية ألوان زرقاء للبحر الأحمر والخليج العربي، مع نقاط دائرية للموانئ والشواطئ.
لكن الله بارك في أرض السعودية والجزيرة العربية التي أُهملت تاريخيًا وحضاريًا بعد الخلافة الراشدة عندما انتقل مركز الخلافة إلى بلاد الهلال الخصيب الشام، وبلاد الرافدين العراق، ونهر النيل مصر، وبحر مرمرة تركيا، وأصبحت بلاد الأقاليم الجافة محطات قوافل للحج والتجارة تعبرها عندما يضطرب الأمن بعيدًا عن الممرات المائية، أو عندما تهاجمها أعاصير البحر، واليوم يباركنا الله ويفتح بعضًا من خزائن أرضه لنا: النفط، والغاز، والمعادن، والبرامج الاقتصادية والاستثمارية، بقيادة ملك البلاد سلمان وولي عهده محمد بن سلمان - حفظهما الله.