محمد سليمان العنقري
دخلت الصناعة في المملكة بعد اعتماد المرحلة الأولى من برنامج تطوير الصناعة الوطنية عصرًا مختلفًا يفتح آفاقًا استثمارية واعدة ويستهدف تحقيق آثار إيجابية واسعة بالناتج المحلي، بل وبخريطة الاستثمار في المنطقة فلأول مرة تتكامل أربعة قطاعات في برنامج واحد وهي الطاقة والتعدين والخدمات اللوجستية والصناعة، كما تشترك بهذا البرنامج 34 جهة والهدف أن تصبح المملكة قوة صناعية رائدة ومنصة عالمية للخدمات اللوجستية حسب ما أعلن في تدشين هذه المرحلة.
ولتأكيد بدء العمل الفعلي بهذا البرنامج الأكبر بين برامج رؤية 2030 م تم توقيع اتفاقيات بما يقارب 200 مليار ريال مما يعزز الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص المحلي والعالمي، فطموح البرنامج كبير ويتطلب جذب استثمارات عالمية وتوطين التقنية، لكن بالتأكيد سيكون أهم الأسئلة من العموم كيف يمكن الاستفادة من هذا البرنامج ومبادراته الضخمة التي تستهدف خلال 12 عامًا قادمة زيادة مساهمة القطاعات المستهدفة بالناتج المحلي بنحو 1.2 تريليون ريال وجذب استثمارات بنحو 1.7 تريليون ريال وتوليد فرص عمل بمقدار 1.6 مليون فرصة عمل أي بمتوسط 133 ألف فرصة عمل سنويًا وطبعًا ليس بالضرورة أن تتحقق كل هذه الأرقام بمتوسط سنوي ثابت، إنما فقط لتوضيح الأثر بشكل عام.
إن الوصول للاستفادة الأفضل من تطوير الصناعة الوطنية تتطلب من طلاب التعليم العام خصوصًا المرحلة الثانوية أن يفكروا بهذا الكم الهائل من فرص العمل وأن يستعدوا ليكونوا جزءًا من هذا البرنامج الطموح بالتوجه للتخصصات التي سيطلبها قطاع الصناعة والخدمات اللوجستية مستقبلاً ويفترض أن تقوم الجامعات وأيضًا كليات ومعاهد التعليم الفني والتقني بتوجيه مسارات القبول للتخصصات التي تخدم الصناعة بنسب مناسبة لاحتياجات السوق المقبلة، أما المستثمرون خصوصًا من يفكرون بتأسيس مشاريع صغيرة أو متوسطة فعليهم البحث بالفرص التي ستتوافر لدعم الصناعة لوجستيًا والتوجه لها، إضافة إلى ضرورة أن تتعاون هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية لإطلاق حقائب بالفرص التي يمكن لهذه المنشآت أن تتوجه لها بالتعاون مع الشركات الفاعلة بالقطاع التي ستكون من أكبر المستثمرين فيه.
إن هذا البرنامج الضخم يعد نقلة نوعية وإستراتيجية في الاقتصاد الوطني وسيرفع من تنافسية جذب الاستثمارات للسوق المحلي وسيقلص حجم الواردات ويزيد الصادرات والمحتوى المحلي وهي الأهداف المعلنة بهدف تقليص الاعتماد على النفط في التنمية والاقتصاد بصفة عامة ولذلك فإن الفرص الواعدة التي ستتولد مع تنفيذ مراحل البرنامج تعد غير مسبوقة وسيكون لها انعكاس اجتماعي واقتصادي إيجابي ضخم خصوصًا أن هذه الصناعات ستتوزع على عديد من مناطق المملكة وهو ما يسهم في توزيع التنمية واستدامتها والاستفادة من الميز النسبية بكل منطقة.